أثار وزير التراث الإسرائيلي المتطرف عميخاي إلياهو موجة من الانتقادات المحلية والإدانات الدولية القوية بسبب تصريحاته بأن أحد الحلول لمشكلة الفقر والحصار في قطاع غزة هو استخدام الأسلحة النووية لمهاجمته وتفجيره، وذلك تزامناً مع دخول الحرب شهرها الثاني.
لكن الوزير الإسرائيلي نسي أن خطابه قوض عقودا من السياسة الإسرائيلية المعروفة بـ”الغموض النووي”، وأثبت بما لا يدع مجالا للشك أن تل أبيب تمتلك أسلحة نووية.
وقال الياهو في مقابلة إذاعية يوم الأحد إن خيار قصف غزة بالأسلحة النووية هو “أحد السبل” لحل المشكلة.
ولم يبد الوزير قلقا بشأن مصير السجناء الإسرائيليين في غزة إذا تم استخدام مثل هذه الأسلحة، قائلا إن “كل حرب لها ثمن”.
وسرعان ما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان أن وزير التراث عميحاي إلياهو علق مشاركته في اجتماعات مجلس الوزراء “حتى إشعار آخر”، حسبما ذكرت رويترز.
ووصفت عضو الكنيست إيفات بيتون من حزب الأمل الجديد إلياهو بأنه “أحمق يدمر جهود الدعاية الإسرائيلية”.
وأدانت الدول العربية تصريح الوزير الإسرائيلي، فيما رفضته الولايات المتحدة عبر مسؤولين في وزارة الخارجية.
سياسة “الغموض النووي”
أما عن التصريحات الرسمية، فإن إسرائيل لا تقول إنها تملك سلاحا نوويا ولا تنفي ذلك أيضا، فهي تلتزم الصمت الشديد تجاه هذا الأمر.
وسياسة الغموض النووي متعارف عليها في إسرائيل منذ ستينيات القرن الماضي، وتحديدا بعد إكمال تشييد المفاعل النووي في ديمونة عام 1963.
ورغم تعاقب الحكومات من شتى ألوان الطيف السياسي ظلت السياسة ثابتة.
وثمة إجماع على المستويين السياسي والعسكري على أهمية الاستمرار بهذه السياسة، في ظل احتكار إسرائيل لهذا السلاح في الشرق الأوسط.
والأسباب وراء ذلك كثيرة:
- إن الإعلان عن امتلاك سلاح نووي قد يضر بالعلاقة مع الحليف الأهم: الولايات المتحدة، التي تتبع سياسة منع الانتشار النووي.
- يلحق الأمر أيضا ضررا بالغا بالحد من جهود منع انتشار هذه الأسلحة في الشرق الأوسط.
- يمكّن الغموض النووي إسرائيل من معارضة انتشار هذه الأسلحة وتقويض سعي دول أخرى في المنطقة للوصول إلى هذا السلاح.
مرتكزات سياسة الغموض النووي
- إسرائيل لا تعلن عن نفسها دولة نووية.
- لا تجري تجربة نووية علنية.
ولعقود طويلة ظل البرنامج النووي الإسرائيلي محاطا بجدار فولاذي من السرية والغموض.
وكانت إسرائيل تقول في الماضي إن البرنامج النووي مخصص لأغراض سلمية مثل إيجاد مصادر للطاقة بحيث يساعد الأمر في حل المشكلة المستعصية التي تواجه الدولة العبرية وهي نقص المياه.
وقدمت إسرائيل التزاما إلى الولايات المتحدة مفاده أنها لن تكون الدولة الأولى التي تدخل السلاح النووي إلى الشرق الأوسط، في أواخر الستينيات، بحسب ما قال وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر.
لكن الوقائع أثبتت خلاف ذلك.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، كشف العامل السابق في مفاعل ديمونة موردخاي فعنونو وفقا لوثائق حصل عليها امتلاك إسرائيل أسلحة نووية، ونشر ذلك في صحيفة بريطانية.
وتظهر تقديرات متباينة أن لدى إسرائيل ترسانة نووية تتراوح من 90 إلى 400 رأس نووي.