أعلن “البنتاغون” الخميس أن أكثر من 20 دولة انضمت إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات ميليشيا الحوثي في اليمن.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أعلن الإثنين تشكيل تحالف دولي للتصدي للهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون على سفن “مرتبطة” بإسرائيل في البحر الأحمر.
وقال المتحدث باسم “البنتاغون” الجنرال بات رايدر للصحافيين “لدينا أكثر من 20 دولة موقعة للمشاركة” في التحالف، وأضاف أن الحوثيين “يهاجمون الرخاء الاقتصادي للدول وازدهارها في جميع أنحاء العالم”، ووصفهم بأنهم تحولوا إلى “قطاع طرق” على خط الشحن البحري في البحر الأحمر.
وأشار رايدر إلى أن قوات التحالف “ستقوم بدوريات في البحر الأحمر وخليج عدن للاستجابة وتأمين المساعدة عند الضرورة للسفن التجارية التي تعبر هذا الممر المائي الدولي الحيوي”، داعياً الحوثيين إلى وقف هجماتهم.
وكان الحوثيون توعدوا في أعقاب الإعلان عن ولادة هذا التحالف بأن يواصلوا عملياتهم، وحذروا من أن “أي دولة” ستتحرك ضدهم سيتم استهداف سفنها في البحر الأحمر.
ومنذ بدء هجمات الحوثيين ومع ارتفاع كلفة التأمين، علقت شركات شحن بحري رئيسة مثل “ميرسك” الدنماركية و”هاباغ-ليود” الألمانية و”سي أم أي سي جي أم” الفرنسية و”بريتيش بتروليوم” البريطانية مرور سفنها عبر مضيق باب المندب إلى حين ضمان سلامة الملاحة فيه.
ومن بين الدول التي يضمها التحالف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا.
تجنب البحر الأحمر
قالت شركة الشحن الألمانية “هاباغ-ليود” وشركة “أورينت أوفرسيز كونتينر لاين” ومقرها هونغ كونغ أمس الخميس إنهما ستتجنبان البحر الأحمر لتنضما إلى شركات الشحن التي أقدمت على فعل ذلك بعد الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية على سفن تجارية.
وتسببت هذه الهجمات في إرباك حركة التجارة العالمية واستدعت تشكيل قوة عمل بحرية، كما تسببت أعمال العنف في تقييد مرور السفن عبر قناة السويس التي يمر منها نحو 12 في المئة من حركة التجارة العالمية.
وتتمثل أهمية قناة السويس الكبرى في نقل البضائع بين آسيا وأوروبا، لكن خبراء شحن عالميين حذروا من أن الارتباك قد يعم صداه في أنحاء العالم ما لم تتوفر السفن والحاويات والمعدات الأخرى اللازمة لتغيير مسار البضائع في المسارات والموانئ البديلة.
وقال نائب رئيس خدمات المحيطات العالمية لدى “سي أتش روبنسون وورلدوايد” ماثيور بورجيس “يظل الموقف غير مستقر، ربما تتغير الأمور بسرعة، وذلك هو سبب ضرورة وجود خطط طارئة تشمل الخطط (أ) و(ب) و(ج) لإبقاء سلاسل الإمداد في حالة حركة”.
وأوضحت “هاباغ-ليود” أنها ستغير مسار 25 سفينة بحلول نهاية العام لتجنب الإبحار في البحر الأحمر مع ارتفاع أسعار الشحن البحري وصعود أسهم شركات الشحن بسبب حالة الارتباك. ويعني تجنب البحر الأحمر وقناة السويس استخدام السفن مساراً أطول كثيراً بالدوران حول قارة أفريقيا.
ويشن الحوثيون، المتحالفون مع إيران والذين يسيطرون على معظم أراضي اليمن، هجمات منذ أسابيع على سفن تعبر مضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر في تحرك يقولون إنه يأتي رداً على حرب إسرائيل في غزة.
ويهرع التجار في الوقت نفسه إلى إيجاد مسارات شحن بديلة لتوصيل البضائع إلى متاجر البيع بالتجزئة، ويزيد استخدام طريق رأس الرجاء الصالح مدة الرحلة ما بين 10 أيام و14 يوماً إضافية تقريباً.
وقالت “أورينت أوفرسيز كونتينر لاين” في بيان أمس الخميس “حتى هذه اللحظة، وجهنا السفن التي تشغلها الشركة بتغيير المسار أو تعليق الإبحار إلى البحر الأحمر”، وهي المرة الأولى التي تؤكد فيها وقف الإبحار موقتاً.
وأوضح نائب الرئيس التنفيذي للشحن البحري في شركة “يونيك” للوجيستيات كريستيان سور إن حدوث أزمة في مرحلة واحدة من سلسلة التوريد يمكن أن يتسبب في تكدس السفن، مما يؤدي إلى إرباك جداول الوصول والمغادرة في الموانئ البحرية وتأخيرات متتالية في كل النظام.
وارتفعت كلفة شحن حاوية من الصين إلى البحر المتوسط 44 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) لتصل إلى 2413 دولاراً بسبب اضطرابات البحر الأحمر، بحسب ما قالت شركة “فريتوس” هذا الأسبوع.
وقال سور إنه إذا استمر الصراع أو اشتد، فإن ما يسمى الأسعار “الفورية” للشحن غير المتعاقد عليه “قد تزيد مثلين أو ثلاثة أمثال عن المستويات الحالية”.
وكانت “إيكيا” العالمية للأثاث من بين الشركات التي حذرت من احتمال تأخير الشحنات ونقص المنتجات، كما توقعت شركة “كوني” الفنلندية للمصاعد أن بعض الشحنات قد تتأخر لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.
وفي حين أن البضائع التي تنقل بالحاويات مثل الملابس والألعاب والمواد الغذائية هي الأكثر عرضة للخطر، فإن المنتجات الأخرى تتأثر.
ويبحث مصدرو فول الصويا في الولايات المتحدة، الذين كانوا بالفعل يحولون الشحنات من قناة بنما المنكوبة بالجفاف إلى قناة السويس، ما إذا كانوا سيبدأون في استخدام القطارات المتجهة إلى الساحل الغربي للوصول إلى السفن المتجهة مباشرة إلى الصين والأسواق الآسيوية الأخرى لتجنب المسارات البديلة الأطول مسافة حول أميركا الجنوبية أو أفريقيا.
وحذر المحللون من أن بعض تجار التجزئة قد يبدأون في مواجهة نقص بعض السلع بحلول فبراير (شباط) على رغم أنه بعد جائحة “كوفيد-19″، سعت مزيد من الشركات إلى تحقيق مرونة في سلاسل التوريد عن طريق الشراء من مصدرين في مناطق مختلفة.
وقال سور “لقد أصبحنا أكثر خبرة بعد أن مررنا بكوفيد”.
فرقاطة يونانية
قالت اليونان أمس الخميس إنها سترسل فرقاطة تابعة للبحرية إلى المنطقة لحماية الملاحة في إطار تحالف متعدد الجنسيات أعلنته الولايات المتحدة لضمان سلامة مرور السفن عبر البحر الأحمر.
ويسيطر ملاك سفن يونانيون على نحو 20 في المئة من السفن التجارية في العالم من حيث سعة الحمولة.
وهدد زعيم الحوثيين بتصعيد الهجمات لتشمل سفن البحرية الأميركية مما يزيد من توقعات اتساع نطاق الصراع حول مضيق باب المندب.
وقال متحدث باسم شركة “هاباغ-ليود” إن سفينة الجسرة التابعة للشركة تعرضت لهجوم قرب اليمن في الـ15 من ديسمبر في أثناء توجهها إلى سنغافورة وإن الشركة ستتخذ مزيداً من القرارات حول المسارات بحلول نهاية العام. وأشار المتحدث إلى أن الشركة لم تتلق بعد أي معلومات تفصيلية حول التحالف البحري.
وقال مسؤولون في مجال الشحن إن استقرار الممرات المائية الحيوية سيكون ضرورياً لضمان استئناف حركة الشحن بالكامل.
وأثرت تبعات اضطراب حركة الشحن البحري بشكل مباشر في إسرائيل. وقالت شركة “أورينت أوفرسيز كونتينر لاين” السبت الماضي إنها “بسبب مشكلات تشغيلية” ستتوقف عن قبول أي شحنات من إسرائيل وإليها حتى إشعار آخر.
وقال الرئيس التنفيذي لميناء إيلات أمس الخميس إن الميناء الواقع في أقصى جنوب إسرائيل شهد تراجعاً بواقع 85 في المئة في نشاطه منذ تكثيف الحوثيين هجماتهم.
لا زيادة في بنما
قالت هيئة قناة بنما الخميس إن القناة لم تشهد زيادة ملحوظة في حركة الملاحة بسبب الوضع في البحر الأحمر، حيث تجبر الهجمات التي يشنها الحوثيون السفن على تغيير مسارها.
وقالت الهيئة في بيان مكتوب “حتى اللحظة، لم نشهد زيادة ملحوظة في عدد السفن المرتبطة بشكل مباشر بالوضع الحالي في البحر الأحمر”.
وفي وقت سابق هذا الشهر، تراجعت القناة عن تخفيض مزمع لعدد السفن المسموح لها بالعبور وهو 20 سفينة يومياً، لتقول إنها زادت العدد بدلاً من ذلك ليكون 24 سفينة يومياً.
وذكرت الهيئة أنها ستواصل مراقبة أوضاع المياه في البلاد. وتعتمد الهيئة على مياه الأمطار في ملء الأهوسة التي تجعل مرور السفن ممكناً.
وأضافت “تعديل القيود سيكون مشروطاً بمعدل سقوط الأمطار خلال الأشهر المقبلة”.