شهد الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام إطلاق مئات الصواريخ والقذائف، واستخدام طائرات بدون طيار لإسقاط القنابل، وعددا لا حصر له من الأسلحة الصغيرة والذخائر.
خلال هذا الهجوم كشفت حماس عن تعزيزات عسكرية في صور مختلفة منها أسلحة ذات قدرات أعلى من المعتاد رؤيتها مع مسلحيها.
فريق بي بي سي لتقصي الحقائق رصد أربعة أسلحة ذات قدرات جديدة قالت حماس إنه تم استخدامها في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وحتى اللحظة في المعارك البرية ضد القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة. كما تحقق الفريق من استخدام حماس لها ومدى قدراتها وكيفية حصول حماس عليها.
قذائف الياسين 105
“الياسين 105” هي قذيفة عيار 105 ملم مضادة للدبابات رأيناها مع عدد من مسلحي حماس في العديد من الفيديوهات التي تعود لهذه الحرب.
نشرت كتائب القسام عددا من الفيديوهات الدعائية التي تظهر تصنيع هذه القذائف وكيف تم تعديلها لتصبح قادرة على استهداف وتدمير مدرعات ميركافا الإسرائيلية.
وأيضا ظهرت هذه القذائف ضمن الأسلحة التي عرضها الجيش الإسرائيلي وقال إنه عثر عليها داخل غزة.
يعود اسم الياسين نسبة إلى الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، الذي اغتيل على يد إسرائيل في 22 مارس/ آذار 2004 في غزة.
قاذف هذا السلاح هو RPG الروسي الصنع المتعارف عليه، ولكن القذيفة تم تعديلها حيث أصبح الرأس الحربي لهذه القذيفة مزدوج ويحتوي على شحنتين متفجرتين متتاليتين، الأولى تفجر درع الدبابة الخارجي، مما يتسبب في اختراق جزئي أو كامل للدرع الفولاذي، والثانية تكمل الاختراق داخل الدبابة، مما يتسبب في انفجار المدرعة تماما.
يرى العميد سمير راغب الخبير العسكري ورئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية أن عبقرية الياسين 105 تكمن في استخدامه حيث تم تدريب عناصر حماس على استخدامه ببراعة لاستهداف نقاط ضعف المدرعات وما تحمله من ذخيرة مما يؤدي إلى تفجيرها.
يُقدر المدى الفعّال لقذيفة الياسين 105 مابين 150 و500 متر، وسرعتها القصوى هي 300 متر في الثانية، وفقا لفيديو نشرته كتائب القسام، وهو ما أكده فيليب إنغرام الضابط السابق في جهاز مخابرات الجيش البريطاني مضيفا أن هذا التصميم يحتاج إلى دقة عالية وقدرة على تصميم الأسلحة وأن حماس لديها هذه القدرة على التصميم داخل غزة لأنها تصنع العديد من الصواريخ الناجحة إلى حد كبير والتي تطلقها يوميا على إسرائيل. ولكنها ليست سلاحا سهل التصنيع.
الأمر المثير للاهتمام هو أن الدبابات الإسرائيلية تحتوي على أنظمة مصممة لمحاولة تحديد الصاروخ القادم، ويمكنها تعطيل هجوم الصاروخ. ولكن هناك تقارير تشير إلى أن هذه الأنظمة الإسرائيلية فشلت في إيقاف الياسين 105 بحسب إنغرام.
وفقا لموقع “الدفاع والتسليح العربي”، يشير التقدير إلى أن حماس تمتلك ما لا يقل عن 2000 قذيفة RPG من هذا النوع.
طوربيد “العاصف”
في فيديو ترويجي أصدرته حماس، في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري، تحققنا من أنه فيديو حديث، كشفت عن سلاح “طوربيد العاصف”، وقالت إنه استُخدام في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وإنه سلاح محل الصنع.
تحليل الفيديو ومكونات السلاح من قبل خبراء الأسلحة كشف عن أن هذا السلاح هو نوع من المركبات البحرية الذاتية أو التي تعمل عن بُعد، مصممة للعمل تحت الماء بدون طاقم بشري على متنها.
يشاركهم الرأي لواء أركان حرب بالجيش المصري ياسر هاشم الذي يقول “إن هذا السلاح يعتبر مركبا بسيطا نصف غارق تحت الماء بدون طاقم” عادة يستخدم في مهام متنوعة تحت الماء، بما في ذلك رسم الخرائط تحت الماء، والمراقبة، وفحص الهياكل الغارقة، ورصد البيئة، وحتى التطبيقات العسكرية.
أكد العميد سمير راغب الخبير العسكري ورئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية أن هذا السلاح محلي الصنع وأن مكوناته يمكن الحصول عليها من منتجات أخرى غير ممنوعة.
الجسم الأساسي هو أسطوانة غاز مضغوط، والمحرك هو محرك احتراق داخلي ثنائي أو رباعي الأشواط الذي يمكن الحصول عليه حتى من سيارة عادية. و كاميرا وهي تشبه إلى حد ما كاميرا ال GoPro. والهوائيات التي يحتاجها المشغل للتوجيه يمكن الحصول عليها من أي نموذج للطائرات بدون طيار.
مضيفا أن لديهم ورش للتصنيع قادرة على التصنيع بدقة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد ولديهم معرفة عميقة عن كيفية إعادة تدوير المواد المتوفره لديهم.
كان مسؤول الصواريخ السابق في الحرس الثوري الإيراني، عزت الله ضرغامي قد قال في برنامج تلفزيوني، حول الدعم العسكري الإيراني لحزب الله وحركة حماس، إنه أمضى بعض الوقت في الأنفاق تحت الأرض في غزة، لتدريب حماس على كيفية صنع الصواريخ.
بخلاف الفيديو الترويجي الذي نشرته حماس، هناك قليل من الأدلة على فاعلية هذا السلاح ورغم الحديث عن استخدامه في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول إلا أنه لا يوجد تأكيد ولا دليل على أي أضرار وقعت على الزوارق الإسرائيلية.
في مايو/ أيار 2021، أفرجت قوات الدفاع الإسرائيلية عن لقطات فيديو تزعم أنها تظهر ضربة على ما قالت إسرائيل إنه غواصة صغيرة ذاتية القيادة كانت لا تزال قريبة من الشاطئ، ولكن لم يتم عرض صور للجهاز نفسه في ذلك الوقت.
يذكر أن كوريا الشمالية وإيران لديهما نسخ أكثر تعقيدا وتطورا من هذا السلاح مثل سلاح Haeil الذي تصنعه كوريا الشمالية والذي يمكنه حمل قذيفة نووية.
قاذف RPG F 7 طراز كوريا الشمالية
لفت الأنظار سلاح آخر ظهر بشكل متكرر في يد مسلحي حماس سواءً في فيديوهات تعود لهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الاول أو الاشتباكات البرية داخل قطاع غزة مع عناصر الجيش الإسرائيلي وهو قاذف RPG F 7 طراز كوريا الشمالية والذي تتميز قذيفته بوجود شريط أحمر مميز حول رأسها، والأرقام المميزة وعناصر تصميم أخرى تتناسب مع نفس الطراز .
بي بي سي تحققت من صحة عدد من الفيديوهات التي ظهر فيها هذا السلاح مع عناصر حماس المسلحة وأيضا فيديوهات الاشتباكات التي ينشرها الإعلام العسكري لكتائب القسام.
كما ظهر نفس السلاح في مقاطع فيديو أخرى ضمن أسلحة قالت إسرائيل إنها وجدتها داخل غزة وعرضتها للصحفيين.
يتميز هذا القاذف بسرعة إعادة تحميله، مما يجعله سلاح فعال في المواجهات البرية مع المركبات الثقيلة. وبحسب فيليب إنغرام ضابط سابق في جهاز مخابرات الجيش البريطاني، فإنه في بعض هذه الفيديوهات يبدو أن مسلحي حماس استبدلوا القذيفة المضادة للدبابات بقذيفة مضادة للأفراد تحتوي على كمية مناسبة من الشظايا وتعمل مثل قنبلة، بحيث يمكن استخدامها ضد القوات البرية.
ويضيف انغرام: ” ليس هناك دليل مباشر على أنها وصلت إلى حماس من كوريا الشمالية، أو من إيران التي ورّدت لها كوريا الشمالية الأسلحة لسنوات عديدة، ومع ذلك، ليس هناك طريق آخر للحصول عليها. وهي الطريقة التي تحصل بها كوريا الشمالية على الكثير من عملاتها الأجنبية”.
نفت بيونغ يانغ في أكتوبر/تشرين الأول من خلال وكالة الأنباء الرسمية لها KCNA الادعاءات بأن حماس استخدمت أسلحتها ووصفت ذلك بأنه “شائعة غير مبررة وكذبة” منظمة من قبل الولايات المتحدة”.
العبوة الناسفة “شواظ الدروع”
مع بداية هجوم حركة حماس، ظهر إدخال مجموعة كبيرة من هذه العبوات مع الفرق التي تهاجم عناصر الجيش الإسرائيلي.
وبعد بداية الهجوم البري الإسرائيلي على غزة، أعلن القسام عن استخدام هذه العبوة مرة واحدة على الأقل، في يوم 31 أكتوبر / تشرين الأول.
شاهدنا عبوات تشبه هذه العبوات الدائرية ضمن الأسلحة التي عرضها جيش الدفاع الإسرائيلي.
وتشير كمية العبوات التي عُثر عليها خلال عملية الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى أن حماس تقوم بإنتاج عدد كبير من هذه الأسلحة. وإن إنتاج هذه الأجهزة يتطلب وجود ورشة عمل وخبرات تقنية.
بحسب لواء أركان حرب بالجيش المصري ياسر هاشم فإن هذه الأجهزة تشكل تهديدا كبيرا للدروع الإسرائيلية والقوات البرية حيث تستخدم بديلا عن الألغام، ويتم التحكم فيها من مسافة قريبة يحددها طول السلك المتصل بالعبوة المتفجرة.
يوجد نسخ مختلفة من “عبوات الشواظ” ذات قوات تدميرية مختلفة تم تطويرها على مر السنوات.
يقول فيليب إنغرام “إن النسخة المستخدمة في هذه الحرب هي آخر نسخه تم تطويرها من هذه العبوة بحيث تتمكن من تفجير المدرعات الإسرائيلية، ولديهم نماذج مختلفة منه لاستهداف مركبات مختلفة تحتوي على كميات مختلفة من المتفجرات”.
يشرح فيليب أنها عبارة عن قرص معدني، عادة من النحاس، يتم غمره في المتفجرات. وعندما تنفجر هذه المتفجرات تأخذ هذا القرص وتحوله إلى طلقة تصيب الدرع وتخترق درع المركبة المدرعة. ويمكن تفجيرها بواسطة عدة آليات تفجير مختلفة.
هذه الأجهزة بسيطة، ولكنها معقدة جدا في تصميمها واستخدامها. الحصول على القرص النحاسي وتشكيله بدقة يعد الجزء الأصعب، ولكن هذا ليس خارج قدرة حماس.
حماس أعلنت عن إنتاج الكثير من النسخ في السابق لهذه العبوة الناسفة التي بدأت كتائب القسام صناعتها في داخل غزة منذ بداية الانتفاضة الثانية.
هدايا إسرائيل لحماس
يتعامل بعض الفلسطينيين في قطاع غزة مع القنابل الكبيرة غير المنفجرة التي تلقيها الطائرات الإسرائيلية “كهدايا”، البعض منهم يلتقطون صورا تذكارية معها. وفي النهاية، تصل هذه العناصر إلى كتائب القسام لإعادة تدوير المواد المتفجرة فيها.
ويتم استخدام هذه المواد الخام لاحقا في تصنيع وقود الصواريخ ورؤوس الحرب المتفجرة للصواريخ.
العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي توفر بشكل غير مباشر حماس بالمواد المتفجرة. ويُقدر خبراء الأسلحة الذين تواصلنا معهم وجود آلاف الأطنان من هذه المواد، متبقية من العملية العسكرية الإسرائيلية في عام 2021، في مختلف أنحاء قطاع غزة.
كما أن تدمير بنية غزة التحتية في الغارات الإسرائيلية، يجعل ما تبقى منها من المعادن والحديد المُقوَّى والأسلاك الكهربائية مصادر لورش حماس.
مساهمات إيران وكوريا الشمالية
يقول العميد سمير راغب الخبير العسكري ورئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية إن إيران تشارك في تهريب الأسلحة إلى القطاع من خلال أنفاق سرية عبر الحدود أو قوارب تتجنب الحصار في البحر الأبيض المتوسط.
ويضيف سمير راغب ان ساحل غزة على البحر الأبيض المتوسط ما يقرب من ٤٠ كم، يتم تهريب الأسلحة من أطراف ثالثة من خلال سفن الشحن ثم يتم استخدام الزوارق الصغيرة لجلب الأسلحة من السفن لشاطىء غزة.
وتعليقا على فيديو نشره الجيش الإسرائيلي يظهر أسلحة تحت الماء على شاطئ غزة يقول فيليب إنغرام “من المرجح سقوط الأسلحة في الماء إذا كانت على متن سفن قادمة لتوريد الأسلحة أو سفن غرقت. إسرائيل تقوم بدوريات في المياه، لذا قد يتم رمي الأسلحة على جانب السفينة عندما تقترب سفينة عسكرية إسرائيلية لفحصها وتفتيشها”.
اللواء ياسر هاشم يرى أن إسرائيل ليست مسيطرة تماما على حدودها بل أن هناك ما يعرف بـ “خط التهريب الدولي” الذي يخترق إسرائيل من جنوب لبنان حتى دول أخرى.
كانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت في سبتمبر/أيلول الماضي عن إحباط محاولة لتهريب متفجّرات عند معبر كرم أبو سالم مخبّأة ضمن شحنة ملابس.
منذ هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول لعبت هذه الأسلحة دورا في مقتل 695 من المدنيين الإسرائيليين، و469 جندي إسرائيلي على الأقل حتى الآن، بحسب بيانات الجيش الإسرائيلي.