كبادرة حسن نية لدفع عجلة صفقة التبادل المرتقبة بين إسرائيل وحركة “حماس”، وافق “الكابينت” الإسرائيلي للمرة الأولى على حزمة مساعدات إنسانية لمصلحة غزة يقول إنها “كبيرة ونوعية وتحسن الظروف المعيشية في القطاع”.
وتشمل حزمة المساعدات الإنسانية التي درسها بتمعن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع أعضاء المجلس أربعة بنود، الأول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم التجاري لأغراض محددة، والثاني زيادة تدفق المساعدات الإنسانية، والثالث إتاحة الفرصة لدخول بضائع للقطاع الخاص، أما الرابع فتوفير مستلزمات طبية لمستشفى الشفاء.
عمل معبر كرم أبو سالم
وفي التفاصيل فإن الحكومة الإسرائيلية (الموسعة والمصغرة) وافقت على إعادة فتح معبر كرم أبو سالم الواقع على الحدود بين مصر وإسرائيل وغزة، شرط تفتيش شاحنات المساعدات الإنسانية قبل إدخال البضائع للقطاع.
وتعد هذه المرة الأولى منذ الحرب بين طرفي الصراع في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي تفتح فيها إسرائيل معبر كرم أبو سالم، إذ إنه المنفذ التجاري الوحيد في غزة، وقبل القتال كان يدخل منه 60 في المئة من البضائع وحاجات القطاع.
ويقول منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غسان عليان “فتحنا أمس الثلاثاء معبر كرم أبو سالم الذي سنستخدمه لإجراء عمليات التفتيش الأمني للمساعدات المتجهة إلى القطاع، وهذه الخطوة جاءت بعد مشاورات أمنية لأغراض تسهيل حياة المدنيين في غزة”.
ويضيف عليان أن “العمل في كرم أبو سالم سيضاعف حجم المساعدات التي تشمل عبوات مياه وغذاء وإمدادات طبية ومعدات إيواء، وذلك ضمن شروط إسرائيل للموافقة على السماح بدخول 200 شاحنة مساعدات يومياً، وهو ما اتفق عليه خلال صفقة الرهائن الأولى”.
بضائع للقطاع التجاري
وفي الواقع فإن المساعدات التي ستدخل من معبر كرم أبو سالم هي نفسها التي وصلت إلى العريش المصرية، ومن المقرر أن يعمل المنفذ الإسرائيلي إلى جانب معبر رفح الذي لا تزال تتدفق منه قوافل مساعدات يومياً إلى غزة.
وبحسب رزمة التسهيلات الإسرائيلية الأولى من نوعها فمن المفروض أن تسمح السلطات في تل أبيب بدخول نحو 100 شاحنة محملة بالبضائع والسلع للقطاع بصورة يومية.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة فإن هذه البضائع كانت تقبع داخل الأراضي الإسرائيلية منذ أكثر من شهرين، حيث اشتراها التجار قبل الحرب ووصلت إلى الموانئ الإسرائيلية لكن لم يسمح لها بالدخول بسبب الحصار الذي فرضته تل أبيب عند بدء الحرب.
مساعدات طبية للشمال
وبالفعل سمحت إسرائيل أمس الثلاثاء بإدخال شاحنات للقطاع التجاري والإنساني، وبحسب تقرير عمل المعابر الذي يصدر يومياً عن هيئة الحدود الفلسطينية فقد دخلت 102 شاحنة مساعدات من معبر رفح، و82 قافلة مساعدات إنسانية من معبر كرم أبو سالم، و40 شاحنة بضائع للقطاع التجاري الخاص من معبر كرم أبو سالم.
وفي الإطار نفسه تمكنت “منظمة الصحة العالمية” من توصيل قافلة مساعدات طبية تضمنت أدوية ومستلزمات صحية وطبية إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، أي في الشق الشمالي من القطاع داخل المنطقة التي تشهد حرباً ضارية وقتالاً عنيفاً.
وفي أي حال فلا يتجاوز عدد ما يدخل القطاع حالياً بصورة يومية 200 شاحنة، فيما كان يدخل إلى غزة قبل الحرب 600 شاحنة، وما إن بدأت إسرائيل تنفيذ حزمة التسهيلات حتى قالت “الأمم المتحدة” ووكالات الإغاثة الأخرى إن هذا العدد أقل بكثير من أن يخفف من الأزمة الإنسانية في مدينة القتال، ودعت إلى السماح بدخول مزيد من المساعدات بما في ذلك الوقود.
1000 شاحنة يومياً
ويقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن “قطاع غزة يحتاج إلى 1000 شاحنة مساعدات يومياً للتعافي من آثار القصف الإسرائيلي المستمر، وأقل من هذا العدد لن يحسّن الوضع الإنساني الذي يزداد كارثية”.
وعلى رغم زيادة تدفق المساعدات الإنسانية بصورة طفيفة إلا أن منسقة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية لين هاستينغز قالت إن “الظروف الضرورية لتوصيل المساعدة إلى سكان غزة منعدمة، وفي الجنوب هناك مراكز إيواء بلا إمكانات مع نظام صحي منهار”.
ومن طرف آخر يقول المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كاظم أبو خلف إن “الإمدادات الإنسانية والوقود الذي يصل إلى قطاع غزة اليوم غير كاف على الإطلاق مع تزايد الحاجات يوماً تلو الآخر”.
عجلة الاقتصاد
ويضيف، “كميات الوقود التي تدخل وتقدر بـ 138 طناً لا تكفي ولا تقترب من المتوسط اليومي لحاجات قطاع غزة، وهناك تحديات إنسانية كبيرة فرضتها الحرب والدمار اللذين لحقا القطاع”.
ويعتقد أبو خلف أنه من غير المقبول أن تدخل 200 شاحنة في الوقت الحالي، وحتى إنه غير المقبول إدخال 500 شاحنة فقط كما كان الأمر قبل الحرب، مشيراً إلى أن القطاع يحتاج إلى أكثر من 1000 شاحنة لأشهر طويلة من أجل الاستجابة لحاجات سكان غزة الأساس.
وحول دخول بضائع للقطاع التجاري يؤكد أن هذه خطوة مهمة للغاية وبسببها قد تدور عجلة الاقتصاد، لكنه يشدد على أن 40 شاحنة لا تكفي، بل يجب السماح بحوالى 15 ضعف هذا الرقم ليشهد سكان غزة تحسناً ملحوظاً في أسعار البضائع.
وبغض النظر عن ذلك فإن إسرائيل قدمت رزمة التسهيلات هذه كبادرة حسن نية وتتوقع من خلالها أن تضفي تحسناً ملحوظاً على التفاوض في شأن صفقة تبادل أسرى مرتقبة، ويقول عضو مجلس الدفاع بيني غانتس “سنعمل على تحسين حياة الفلسطينيين المدنيين، وفي الوقت نفسه سنفاوض من أجل صفقة تبادل، فالملفان مرتبطان ببعضهما”.