أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقطع فيديو اليوم الأحد أنه يرفض “بصورة قاطعة” شروط “حماس” للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، بعدما نشرت الحركة وثيقة في شأن هجمات السابع من أكتوبر الماضي.
وقال نتنياهو “أرفض بصورة قاطعة شروط الاستسلام التي وضعها وحوش حماس، فمقابل إطلاق سراح رهائننا تطالب حماس بوقف الحرب وانسحاب قواتنا من غزة وإطلاق سراح جميع القتلة، إذا قبلنا بذلك، فقد سقط جنودنا سدى، إذا قبلنا ذلك فلن نتمكن من ضمان أمن مواطنينا”.
مقتل جندي واحتجاز جثته
وأكد الجيش الإسرائيلي اليوم مقتل جندي في السابع من أكتوبر الماضي خلال الهجوم غير المسبوق الذي شنته “حماس” على إسرائيل، معلناً أن جثته لا تزال محتجزة في قطاع غزة.
وقال الجيش في بيان إن “الرقيب شاي ليفنسون (19 سنة) سقط في السابع من أكتوبر وجثته بين يدي حركة حماس” التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007.
وكان الشاب يعيش في مستوطنة جفعات أفني شمال إسرائيل، وخدم في وحدة قتالية.
وبذلك، يرتفع عدد الرهائن الذين قتلوا وجثثهم محتجزة في قطاع غزة إلى 28، بحسب تقرير أعدته وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات إسرائيلية.
أكثر من 25 ألف قتيل
وقال مسؤولون طبيون في غزة إن عدد القتلى الفلسطينيين جراء الغارات الإسرائيلية على القطاع منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و”حماس” في السابع من أكتوبر الماضي تجاوز 25 ألفاً، بينما استمرت اليوم الضربات الإسرائيلية المكثفة واحتدمت معارك الشوارع في أنحاء القطاع.
واشتبكت القوات الإسرائيلية ومقاتلو “حماس” في مواقع عدة بدءاً من جباليا في الشمال إلى خان يونس في الجنوب، مركز العمليات الإسرائيلية خلال الآونة الأخيرة.
وقالت إسرائيل إنها فككت جزءاً كبيراً من شبكة “حماس” العسكرية في شمال القطاع وإن أكثر من مليون شخص من ساكني هذا الشطر من القطاع نزحوا إلى الجنوب هرباً من القصف، لكن القتال لا يزال مستمراً في مخيم جباليا للاجئين ومناطق أخرى في محيط مدينة غزة.
وأفادت وزارة الصحة في القطاع بأن 178 فلسطينياً قتلوا خلال الساعات الـ24 الماضية في واحد من أكثر الأيام دموية حتى الآن خلال الصراع الدائر بين إسرائيل و”حماس”، وذكر الجيش الإسرائيلي أن جندياً قتل في اشتباكات.
وأضافت الوزارة في بيان أن 25105 فلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال قتلوا وجرح 62681 آخرون في غارات إسرائيلية منذ السابع من أكتوبر، ولا تفرق بيانات وزارة الصحة بين عدد القتلى المدنيين والمقاتلين لكنها تقول إن معظم الذين قضوا مدنيون.
“القتل المفجع”
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم بإسرائيل لما وصفه بالقتل “المفجع” للمدنيين الفلسطينيين في غزة.
وقال غوتيريش خلال قمة في العاصمة الأوغندية كمبالا إن “العمليات العسكرية الإسرائيلية نشرت دماراً واسعاً وأودت بحياة مدنيين بأعداد غير مسبوقة خلال فترة عملي كأمين عام للأمم المتحدة”.
وأطلقت تل أبيب حملة عسكرية للقضاء على “حماس” التي تشكل بحسبها تهديداً لوجودها، بعدما اقتحم مسلحو الحركة بلدات وقواعد إسرائيلية في السابع من أكتوبر، وهو الهجوم الذي قالت إسرائيل إنه أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واقتياد 253 رهينة إلى غزة.
وعلى رغم سقوط عدد كبير من القتلى، يقول الجيش الإسرائيلي إنه يتخذ خطوات لتجنب سقوط ضحايا مدنيين، لكنه يتهم “حماس” بتنفيذ عمليات في مناطق مكتظة بالسكان واستخدام المدنيين دروعاً بشرية، وهو ما تنفيه الحركة.
ونزح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم.
وتحدث فلسطيني عن ظروف بالغة الصعوبة في ظل تدمير مناطق كبيرة من قطاع غزة والعقبات التي تعترض المستشفيات ووكالات الإغاثة للتعامل مع الوضع.
وقال عامر (32 سنة)، وهو أب لثلاثة أطفال يعيش في شمال غزة، لـوكالة “رويترز” عبر الهاتف “نحن نصارع لنتفادى الموت تحت القصف، لكن الصراحة نجتهد أكثر حتى لا نموت من الجوع، أن تجد طعاماً للأسرة والأطفال صار تحدياً أكثر من تحدي النجاة من الحرب”.
وارتفع، على سبيل المثال، سعر الطحين إلى جانب مواد غذائية أخرى يصعب الحصول عليها في هذه المنطقة الفقيرة بالفعل.
وقال أنس الشريف، وهو صحافي فلسطيني مستقل من شمال غزة، على منصة “إكس”، “في ظل المجاعة التي تهدد سكان شمال غزة، بدأ الأهالي بطحن كل ما هو متاح للحصول على الطحين، بدءاً من حبوب الذرة وانتهاء بعلف الحيوانات أكرمكم الله”.
معارك حامية الوطيس
وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده قتلوا 15 مسلحاً فلسطينياً خلال اشتباكات في شمال قطاع غزة، في حين تمكن قناصة، بدعم جوي، من قتل عدد من المسلحين في خان يونس.
وأشار فلسطينيون إلى أن قتالاً عنيفاً اندلع في جباليا خلال الأيام الثلاثة الماضية، مضيفين أن أصوات القصف لا تتوقف جواً وبراً، واشتعلت النيران في بعض المباني وتصاعد الدخان من الأماكن التي سقطت فيها القنابل.
وقال شهود إن زوارق البحرية الإسرائيلية قصفت الساحل الجنوبي لغزة.
وفي مدينة رفح الجنوبية، حيث يعيش أكثر من مليون نازح، قتل ثلاثة فلسطينيين في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت سيارة، وأوضح مسؤولون في قطاع الصحة أن سيارة أخرى تعرضت لقصف في مدينة غزة، مما أدى إلى مقتل ثلاثة آخرين.
وتصاعد العنف أيضاً في الضفة الغربية حيث تتمتع السلطة الفلسطينية بحكم ذاتي محدود، وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية هناك أن القوات الإسرائيلية قتلت 360 فلسطينياً منذ السابع من أكتوبر الماضي.
إطالة أمد الصراع
قال غوتيريش إنه من غير المقبول رفض إقامة دولة فلسطينية وإن مثل هذا الموقف من شأنه أن يطيل أمد الصراع إلى أجل غير مسمى.
وجاءت تصريحات غوتيريش بعدما استبعد نتنياهو على ما يبدو ما يسمى “حل الدولتين” للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني المستمر منذ عقود، وهو الحل الذي تدعو إليه الولايات المتحدة وحكومات أخرى.
وذكر مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء أكد مجدداً خلال محادثاته مع الرئيس الأميركي جو بايدن أول من أمس الجمعة “سياسته التي تنص على أنه بعد تدمير حماس يجب أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على غزة لضمان عدم تشكيلها تهديداً في ما بعد لإسرائيل، مما يتعارض مع مطلب السيادة الفلسطينية”.
وقالت “حماس” إن الولايات المتحدة تتجاهل معاناة الفلسطينيين وخسائرهم البشرية بينما توفر دعماً مالياً وعسكرياً للعمليات الإسرائيلية.
ووصفت الحركة في بيان اليوم هجومها في السابع من أكتوبر على إسرائيل بأنه “خطوة طبيعية في إطار التخلص من الاحتلال واستعادة الحقوق الوطنية وإنجاز الاستقلال والحرية مثل بقية شعوب العالم”.
وأثارت الهجمات استنكاراً دولياً، خصوصاً بعد مقتل عدد من النساء والأطفال فيها.
رعاية طبية فرنسية
قال ربان سفينة حربية فرنسية إن نحو ألف شخص من غزة يتلقون العلاج في مستشفى ميداني على متن السفينة الراسية قبالة ساحل مصر، مما يوفر الرعاية لبعضهم وسط انهيار البنية التحتية الصحية في القطاع المدمر بسبب الحرب.
ورست حاملة الطائرات الهليكوبتر الفرنسية “ديكسمود” في ميناء العريش بمصر على بعد 50 كيلومتراً غرب قطاع غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وهي مجهزة بأجنحة وغرف عمليات و70 طاقما طبياً.
وأوضح الربان ألكسندر بلوينس أن قرابة 120 جريحاً نقلوا إلى المستشفى المقام على متن السفينة، بينما تلقى مئات آخرون استشارات في العيادات الخارجية شملت متابعة الإصابات والمشكلات النفسية، واصفاً هذا التحرك بأنه “مهمة غير مسبوقة”.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن سكان غزة يجدون صعوبة في تلقي الرعاية الطبية مع إصابة عشرات الآلاف وخروج معظم مستشفيات القطاع البالغ عددها 36 عن الخدمة، فيما تعمل تلك التي لا تزال تقدم الخدمات الصحية بما يفوق طاقتها بكثير.
وتستهدف إسرائيل أكبر المستشفيات التي لا تزال تعمل، قائلة إن مقاتلي “حماس” يعملون فيها، وهو ما تنفيه الحركة.
أما من حالفهم الحظ بالعبور إلى مصر مثل أحمد أبو دقة (16 سنة) الذي جرح في الأول من نوفمبر، فاضطروا إلى الانتظار طويلاً لتلقي الرعاية الطبية.
وقال أبو دقة من على متن حاملة الطائرات “وجدوا أن شظية دخلت في ركبتي وهشمت العظم فيها واستقرت داخلها، فعمدوا إلى نزعها ووضعوا لي مثبتين داخليين”.
وينتظر أحمد وآخرون على متن حاملة الطائرات الفرنسية التحويل إلى مستشفيات في مصر أو الخارج.
وأرسلت إيطاليا مستشفى عائماً مماثلاً إلى سواحل مصر في ديسمبر الماضي.