أعلنت حركة “حماس”، اليوم الثلاثاء، أنها تدرس مقترحاً تم طرحه في باريس بهدف وقف الحرب في قطاع غزة مع إسرائيل.
وأفادت الحركة، في بيان، بأن رئيس الحركة إسماعيل هنية يؤكد أن “الحركة تسلمت المقترح الذي تم تداوله في الاجتماع وأنها بصدد دراسته وتقديم ردها عليه على قاعدة أن الأولوية هي لوقف العدوان الغاشم على غزة وانسحاب قوات الاحتلال كلياً إلى خارج القطاع”.
جثث عشرات الفلسطينيين
واليوم، قال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن إسرائيل سلمت، اليوم، السلطات الفلسطينية جثث عشرات الفلسطينيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة في الأسابيع القليلة الماضية.
وأضاف المسؤولون أن الجثث، التي كانت محتجزة في إسرائيل، تم تسليمها عبر معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل، وسيتم دفنها في مقابر جماعية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ولم تحدد وزارة الصحة في غزة على الفور عدد الجثث التي تم تسلمها.
26751 قتيلاً
في الإثناء، قالت وزارة الصحة في غزة، في بيان، إن 26751 فلسطينياً قتلوا و65636 أصيبوا في الضربات الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وأضافت الوزارة أن نحو 114 فلسطينياً قتلوا وأصيب 249 آخرون خلال الساعات الـ 24 الماضية.
معارك عنيفة
وتدور معارك عنيفة في مدينة خان يونس، بجنوب قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، في وقت يعمل فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على إقناع المانحين بمواصلة دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في خضم الأزمة التي تشهدها.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري “في الأسابيع الأخيرة ركزت عملياتنا على خان يونس، عاصمة حماس في جنوب غزة”، مشيراً إلى “القضاء على أكثر من ألفي إرهابي” في هذه المدينة. وأضاف “نحن نعمل على الأرض وتحت الأرض في وقت واحد. هذا أسلوب جديد يتضمن استخدام تكنولوجيا متطورة بعضها ينشر للمرة الأولى” من دون أن يخوض في تفاصيل.
الضفة الغربية
وفي الضفة الغربية، ذكرت إذاعة “صوت فلسطين” أن القوات الإسرائيلية قتلت ثلاثة فلسطينيين بعد اقتحامها مستشفى “ابن سينا” في جنين”، اليوم الثلاثاء.
“كل الإجراءات الضرورية”
وشنت إسرائيل هجوماً على مدينة غزة بشمال القطاع الفلسطيني بعد انسحاب قواتها من هناك في الوقت الذي تعهدت فيه واشنطن اتخاذ “كل الإجراءات الضرورية” للدفاع عن قواتها بعد سقوط قتلى بصفوفها في الشرق الأوسط لأول مرة منذ بدء حرب غزة.
وتتعرض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لضغوط للرد بحزم دون إثارة حرب أوسع، وذلك بعد يوم من مقتل ثلاثة عسكريين أميركيين في الأردن وإصابة ما لا يقل عن 34 آخرين في ما وصفته واشنطن بأنه هجوم بطائرة مسيرة شنه مسلحون مدعومون من إيران.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الإثنين، في مقر وزارة الدفاع (البنتاغون)، “لن نتسامح أنا والرئيس مع الهجمات على القوات الأميركية، وسنتخذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن الولايات المتحدة وقواتنا”.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، “لا نريد حرباً أوسع مع إيران. لا نريد حرباً أوسع في المنطقة، لكن علينا أن نفعل ما يتعين علينا فعله”.
ونفت إيران ضلوعها في الهجوم. وأمر بايدن في وقت سابق بشن هجمات انتقامية على الجماعات المدعومة من إيران، لكنه لم يوجه بقصف إيران مباشرة.
وأعلن بايدن، الأحد، “مما لا شك فيه أننا سنحاسب كل المسؤولين (عن الهجوم) في الوقت (المناسب لنا) وبالطريقة التي نختارها”.
غارات على مدينة غزة
في غضون ذلك، قال سكان فلسطينيون إن إسرائيل شنت غارات جوية على أحياء في أنحاء مدينة غزة، مما تسبب في مقتل وإصابة عدد كبير من الأشخاص. وأضافوا أن الدبابات الإسرائيلية قصفت المناطق الشرقية من المدينة، فيما أطلقت الزوارق البحرية قذائف وطلقات نارية على المناطق الساحلية في الغرب.
وأعلنت إسرائيل في أواخر العام الماضي انتهاء عملياتها تقريباً في شمال غزة. وتشير عودة القتال في مدينة غزة إلى أن الحرب لا تسير بحسب الخطة. وذكر سكان أن معارك عنيفة بالأسلحة النارية وقعت بالقرب من مستشفى الشفاء الرئيس في المدينة.
وقال مسؤولون في قطاع الصحة ونقابة الصحافيين الفلسطينيين إن من بين القتلى صحافيين فلسطينيان هما عصام اللولو ومحمد عطا الله، إلى جانب عدد من أفراد أسرتيهما.
ومن جانبها، أطلقت “حماس” أول وابل من الصواريخ منذ أسابيع على المدن الإسرائيلية، مما يثبت أن الحركة المسلحة التي تدير غزة لا تزال لديها القدرة على إطلاق الصواريخ بعد ما يقرب من أربعة أشهر من الحرب.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه أسقط ستة من أصل 15 صاروخاً. وقالت “حماس” إن إطلاق الصواريخ جاء رداً على سقوط قتلى في غزة. ولم ترد أنباء عن سقوط قتلى أو مصابين في إسرائيل، حيث دوت صفارات الإنذار من الغارات الجوية وتسنى سماع دوي انفجارات.
عمليات إخلاء جديدة
قال سكان في قطاع غزة إن تجدد العنف يجعل من حكم محكمة العدل الدولية، الذي دعا إسرائيل الأسبوع الماضي إلى بذل مزيد من الجهد لمساعدة المدنيين، أمراً مثيراً للسخرية. ويقول مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن 26637 فلسطينياً قتلوا في الصراع، ومن المحتمل وجود آلاف الجثث تحت أنقاض المباني المدمرة.
وأمرت إسرائيل بعمليات إخلاء جديدة للمناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان في مدينة غزة، لكن الناس قالوا إن انقطاع خدمات الاتصال يعني أنهم لن يتمكنوا من التواصل مع ذويهم. وتتهم إسرائيل “حماس” بالمسؤولية عن سقوط قتلى في صفوف المدنيين، وهو ما تنفيه الحركة.
ويطحن السكان في شمال قطاع غزة علف الحيوانات لصنع الطحين بعد نفاده إلى جانب الأرز والسكر، وهو ما يلقي الضوء على أزمة مساعدات تفاقمت بسبب سحب الدعم الموجه لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا).
وكانت الولايات المتحدة ودول أخرى عدة قد علقت مساعداتها للوكالة منذ الجمعة بعد أن قالت إسرائيل إن 12 من موظفي “الأونروا” في غزة البالغ عددهم 13 ألفاً ضالعون في هجمات “حماس” على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، والتي أدت إلى مقتل نحو 1200 شخص، بحسب مسؤولين إسرائيليين.
وأعلن متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه التقى مع رئيس التحقيقات الداخلية في المنظمة الدولية لضمان سير التحقيق في هذه الاتهامات “بسرعة وبأقصى قدر ممكن من الكفاءة”. وقال تقرير إسرائيلي إن 190 من موظفي “الأونروا” هم من المسلحين، وأورد أسماء 11 منهم.
وقالت “الأونروا”، التي أعلنت مقتل أكثر من 150 من موظفيها منذ أكتوبر، إنها ستضطر إلى إنهاء عملياتها في غضون شهر في حالة عدم عودة التمويل. وأضافت الوكالة التي يحتمي مليون فلسطيني في منشآتها، أنها فصلت هؤلاء الموظفين فوراً بعد أن علمت بالمزاعم الإسرائيلية. كما استهدفت غارات جوية مدينة خان يونس بجنوب القطاع، محور الهجوم الإسرائيلي منذ الأسبوع الماضي. وأجبر الآلاف على الفرار مرة أخرى في نزوح جماعي يعتريه اليأس. وفر السكان جنوباً سيراً على الأقدام حاملين معهم أطفالهم وأمتعتهم.
“أمل حقيقي”
عبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن الأمل بالتوصل لاتفاق يقضي بوقف القتال في غزة مقابل الإفراج عن رهائن، بعد محادثات في باريس شارك فيها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وقطر.
وقال بلينكن للصحافيين إثر لقاء عقده خلال النهار في واشنطن مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، “أنجز عمل مهم جداً وبناء. وهناك بعض الأمل الحقيقي بينما نمضي قدماً”. وأضاف بلينكن “يتعين على (حماس) اتخاذ قراراتها الخاصة. لا يسعني إلا أن أقول لكم إن هناك توافقاً قوياً بين البلدان المعنية على أن هذا المقترح جيد وقوي”.
والأحد، عقدت في باريس محادثات بين مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) وليام بيرنز ومسؤولين كبار من مصر وقطر واسرائيل لبحث اتفاق هدنة في غزة.
والإثنين، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي شارك في محادثات باريس، إنه تم إحراز “تقدم جيد” خلال المحادثات، وإن الأطراف “يأملون في نقل هذا الاقتراح إلى (حماس) وإقناعها بالمشاركة في العملية بصورة إيجابية وبناءة”.
ومساء الإثنين شدد المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لـ”حماس” طاهر النونو في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية على أن الحركة تريد “وقف إطلاق نار شاملاً وكاملاً” في غزة.
وقال النونو “نتحدث أولاً عن وقف إطلاق نار شامل وكامل، وليس عن هدنة موقتة”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وصف محادثات باريس بـ”البناءة”. وأشار مكتب بنيامين نتنياهو في بيان إلى أنه “لا تزال هناك خلافات” بين الأطراف، مضيفاً أن المحادثات ستتواصل في الأيام المقبلة.
الحدود الشمالية مع لبنان
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الإثنين، أن جيشه “سيتحرك قريباً جداً” في شمال الدولة العبرية عند الحدود مع لبنان، حيث يتبادل القصف يومياً مع “حزب الله”. وأبلغ الوزير الجنود المتمركزين قرب الحدود مع غزة أن قوات أخرى منتشرة حالياً في القطاع الفلسطيني ستغادر المنطقة لتنتشر في شمال إسرائيل. وقال غالانت “سيتحركون قريباً جداً (…) إذاً ستعزز القوات في الشمال”. وتابع “القوات القريبة منكم… ستغادر الميدان، وستتجه نحو الشمال، استعداداً لما سيحصل تالياً”. وأشار إلى أن جنود احتياط سيتركون مواقعهم استعداداً لهذه العمليات المستقبلية.
وتبنى “حزب الله”، الإثنين، مسؤولية 12 هجوماً على مواقع للجيش الإسرائيلي قرب الحدود باستخدام صواريخ إيرانية الصنع من طراز “فلق 1”.
ومساء أمس الإثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ ضربات ضد “حزب الله” رداً على ذلك، بما في ذلك ضد “منشآت ونقطة مراقبة في قرى مركبا والطيبة ومارون الراس اللبنانية”. وأكد الجيش أيضاً إطلاق مقذوفات عدة من لبنان، مشيراً إلى أنه “رد باستهداف مواقع الإطلاق ومواقع أخرى في لبنان”.
وفي وقت سابق هذا الشهر، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي إن احتمال نشوب حرب “في الأشهر المقبلة” في شمال البلاد أصبح “أعلى بكثير مما كان عليه في الماضي”.
ومنذ بدء التصعيد، قتل أكثر من 200 شخص في لبنان. في الجانب الإسرائيلي من الحدود، قتل 15 شخصاً هم تسعة جنود وستة مدنيين، بحسب الجيش الإسرائيلي.
باريس “تدين” الدعوات إلى إعادة بناء مستوطنات في غزة
ودانت فرنسا، الإثنين، تنظيم مؤتمر في القدس شارك فيه عشرات الوزراء الإسرائيليين، وتمت خلاله الدعوة إلى إعادة بناء مستوطنات إسرائيلية في غزة وإلى مغادرة الفلسطينيين من هذا القطاع.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان، “لا يعود إلى الحكومة الإسرائيلية أن تقرر أين يجب أن يعيش الفلسطينيون على أرضهم”. وأضاف البيان، “فرنسا تدين عقد هذا المؤتمر، وتتوقع من السلطات الإسرائيلية أن تدين بوضوح هذه المواقف”.
وشدد البيان على أن “مستقبل قطاع غزة وشعبه سيكون في دولة فلسطينية موحدة تعيش في سلام وأمن إلى جانب إسرائيل”.
وشارك آلاف الإسرائيليين وبينهم وزراء من اليمين المتطرف وحلفاء لنتنياهو في مؤتمر بالقدس، الأحد، للمطالبة بإعادة بناء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة.
ورفض نتنياهو في تصريحات رسمية سابقة إعادة الاستيطان في غزة، حيث تقاتل القوات الإسرائيلية مسلحي “حماس”، لكن المؤتمر يظهر أن الموقف الذي كان هامشياً في السابق قد اكتسب زخماً داخل حكومته اليمينية المتشددة.