عبر فلسطينيون يعيشون تحت القصف في قطاع غزة اليوم الإثنين عن أملهم في أن تفضي زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للمنطقة إلى هدنة في الوقت المناسب، لتجنب هجوم جديد تهدد إسرائيل بشنه على آخر ملاذ لهم على أطراف القطاع.
ووصل وزير الخارجية الأميركي اليوم الإثنين السعودية في أول جولة له بالمنطقة منذ أن توسطت واشنطن في اقتراح – شاركت فيه إسرائيل – بخصوص أول وقف ممتد لإطلاق النار في الحرب.
ولم ترد حركة “حماس” بعد على العرض الذي سلمه إليها وسطاء قطريون ومصريون الأسبوع الماضي، وتقول إنها تريد مزيداً من الضمانات بأنه سينهي الحرب المستمرة منذ أربعة أشهر في قطاع غزة.
وتأتي الحملة الدبلوماسية الأميركية في وقت تحاول فيه واشنطن أيضاً منع زيادة التصعيد في أماكن أخرى بالمنطقة، وبعد يومين من الضربات الجوية التي شنتها على جماعات مسلحة موالية لإيران في أرجاء الشرق الأوسط.
اجتياح رفح
وفي غضون ذلك واصلت إسرائيل الهجمات وهددت باجتياح بري جديد في مدينة رفح الصغيرة حيث يتكدس أكثر من نصف سكان غزة الآن على حدود القطاع الجنوبية مع مصر ويعيشون في خيام موقتة.
وقالت مصادر على دراية بالمحادثات إن مقترح وقف إطلاق النار يشمل هدنة لمدة 40 يوماً في الأقل ستطلق خلالها “حماس” سراح رهائن من ضمن من تبقى من 253 رهينة كانت اقتادتهم إلى غزة في الهجوم المباغت الذي شنته على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ومن شأن الهدنة أن تتيح دخول المساعدات للتخفيف من الأزمة الإنسانية في غزة وتسمح لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بالعودة لمنازلهم التي هجروها خلال الحرب، واستمرت الهدنة السابقة أسبوعاً واحداً.
وقال يامن حمد (35 سنة) وهو أب لأربعة أطفال بمدرسة تابعة للأمم المتحدة في دير البلح بوسط غزة، تم التواصل معه عبر تطبيق مراسلة، “نريد أن تنتهي الحرب، ونعود لبيوتنا، هذا كل ما نريده في هذه المرحلة”. وتعد تلك المنطقة واحدة من الأماكن القليلة التي لم تتقدم فيها الدبابات الإسرائيلية بعد، وهي مكتظة الآن بعشرات آلاف العائلات النازحة. وأضاف “كل ما نفعله طوال اليوم هو متابعة الأخبار في الراديوهات الصغيرة وعلى الإنترنت، بحثاً عن أمل، ونأمل أن يضغط بلينكن على نتنياهو ويقول له أن ما جرى يكفي. ونتأمل من فصائلنا أن يكون قرارها في مصلحة شعبنا الفلسطيني”.
معارك خان يونس ومدينة غزة
وفي واحدة من أكبر المعارك في الحرب تقدمت الدبابات الإسرائيلية في الأسبوعين الماضيين في خان يونس، المدينة الرئيسة في الجنوب التي يأوي إليها بالفعل مئات آلاف الأشخاص الذين فروا من مناطق أخرى. وتجدد القتال في مدينة غزة، شمال القطاع، في مناطق كانت إسرائيل أعلنت أنها أخضعتها في الشهرين الأولين من الحرب.
وقال الجيش الإسرائيلي اليوم الإثنين إن قواته قتلت عشرات المسلحين الفلسطينيين في مناطق بشمال ووسط وجنوب قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية.
وذكر الفلسطينيون أن قتالاً عنيفاً اندلع في مدينة غزة، وخصوصاً في المناطق الغربية القريبة من ساحل البحر المتوسط التي تعرضت لقصف السفن الحربية الإسرائيلية.
وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إنهم انتشلوا جثث 14 شخصاً قتلوا في غارة جوية على خان يونس خلال الليل، وأكدوا مراراً في الأيام الماضية أن رجال الإنقاذ غير قادرين على الوصول إلى كثير من القتلى والجرحى في المدينة.
وتقول سلطات غزة أن أكثر من 27 ألف فلسطيني تأكد مقتلهم في الهجوم الإسرائيلي، فيما تقبع جثث آلاف آخرين تحت الأنقاض. وتقول إسرائيل إنها قتلت 10 آلاف مسلح وفقدت 226 جندياً في القتال في غزة منذ هجمات “حماس” في السابع من أكتوبر.
عواقب كارثية
وبعد أن أعلنت إسرائيل الأسبوع الماضي أنها تستعد لهجوم بري محتمل على رفح، قالت وكالات الإغاثة الدولية والأمم المتحدة إنها تخشى أن تكون العواقب الإنسانية كارثية بعدما لم يتبق مكان للسكان يفرون إليه.
ويخشى سكان غزة من أن يؤدي التوغل في رفح إلى إخراجهم من القطاع نهائياً إلى مصر التي ترفض أية محاولة لإجبارهم على العبور.
وقال مسؤول إسرائيلي لوكالة “رويترز” إن الجيش سينسق مع مصر ويبحث سبل إجلاء معظم النازحين شمالاً قبل أية عملية تمشيط برية في رفح.
ومن الممكن أن يحول اتفاق وقف إطلاق النار دون وقوع هذا الهجوم، ولكنه يعني تعليق العمليات العسكرية الإسرائيلية موقتاً من دون تحقيق هدفها المعلن بالقضاء على “حماس”، وقال بعض وزراء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو إن الاستقالة أفضل من دعم هذا الاتفاق.
ويقول نتنياهو إنه ملتزم بتحقيق “النصر الكامل” وإن أي وقف للقتال لن يكون إلا بصورة موقتة ما دام مقاتلو “حماس” طلقاء. وتقول “حماس” إنها لن توافق على هدنة أو إطلاق سراح الرهائن إن لم تحصل على ضمانات بأن إسرائيل ستنسحب من غزة وتنهي الحرب.
وذكر رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية الأسبوع الماضي أنه سيسافر إلى القاهرة لتقديم رده على مقترح وقف إطلاق النار، لكن “حماس” لم تحدد موعداً لرحلته.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المفاوضات لـ”رويترز” إن رد “حماس” قد يأتي “قريباً”، لكن الأمر متروك لبلينكن لحث نتنياهو على تقديم تنازلات من شأنها إتمام الاتفاق، وأضاف المسؤول في مقابلة عبر تطبيق للمراسلة “نتنياهو لا يريد وقف الحرب وهو فقط يبحث عن صفقة تبادل للإفراج عن الرهائن، هذا أقل مما يمكن لشعبنا أن يقبل به”.
وتابع “’حماس‘ و’الجهاد الإسلامي‘ والفصائل الأخرى تطلب ضمانات بأن الاحتلال سيلتزم بإنهاء الحرب على قطاع غزة وبإخراج قواته من هناك، هذه هي مطالب رئيسة. باستطاعة الأميركيين أن يفرضوا قيوداً على نتنياهو إن أرادوا إنجاح الوساطة”.