وتوقفت عناصر الشرطة التابعة لحركة “حماس” التي كانت ترافق شاحنات المساعدات عن العمل في وقت سابق من هذا الشهر نتيجة استهدافها من جانب إسرائيل، مما أوجد فراغاً أمنياً عرض الشاحنات لعمليات سلب ونهب
وتتضافر هذه العوامل مع القيود التي تفرضها إسرائيل مما سبب تكدس الشاحنات عند معبر رفح بين مصر وغزة والمعبر بين إسرائيل والقطاع.
وذكر مسؤول أميركي أن البيت الأبيض لم يتجه لدراسة خيار إسقاط المساعدات على غزة إلا في الآونة الأخيرة، لكن مسؤولين يقرون بأن إسقاط المساعدات جواً لن يكون له أثر كبير لأن الطائرة الحربية لا تستطيع سوى إنزال كمية من المساعدات تساوي حمولة شاحنة أو اثنتين.
وأشاروا إلى أن إسقاط المساعدات جواً قد يخفف من حدة الموقف قليلاً بسبب الاحتياج الشديد، لكن السبيل الوحيد لإدخال المساعدات إلى غزة على النطاق المطلوب هو عن طريق البر، بالتالي فإن تسهيل الدخول بما يتيح عبور مئات الشاحنات إلى غزة يومياً لا يزال على رأس أولويات الإدارة الأميركية.
ونشر الجيش المصري، أمس الأربعاء، لقطات وصوراً من المساعدات التي أسقطتها القوات الجوية على قطاع غزة.
وأعلن المتحدث العسكري المصري أن عدداً من طائرات النقل العسكرية التابعة للقوات الجوية المصرية نفذت بالتعاون مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة أعمال الإسقاط الجوي لأطنان من المساعدات الإنسانية ومعونات الإغاثة العاجلة بالمناطق المتضررة شمال قطاع غزة.
قلق متزايد
وتثير الظروف التي يعيشها أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة قلقاً دولياً متزايداً على رغم الآمال بالتوصل إلى هدنة محتملة تعمل عليها الدوحة والقاهرة وواشنطن، بعد نحو خمسة أشهر من حرب مدمرة بين إسرائيل وحركة “حماس”.
وقصف الجيش الإسرائيلي مجدداً، الأربعاء، قطاع غزة حيث خلفت الحرب نحو 30 ألف قتيل، وفق وزارة الصحة التابعة لـ”حماس”، وتهدد السكان بالمجاعة، وفق الأمم المتحدة. وتأمل الدول الوسيطة بالتوصل إلى هدنة قبل شهر رمضان.
وحذرت الأمم المتحدة من “مجاعة واسعة النطاق لا مفر منها تقريباً” تهدد 2.2 مليون شخص يشكلون الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني المحاصر، لا سيما في الشمال حيث يحول الدمار الواسع والمعارك والنهب دون إيصال المساعدات الإنسانية.
وسبق للمنظمات الدولية أن حذرت من أن المساعدات التي تدخل القطاع شحيحة جداً، ولا تكفي حاجات السكان.
مجاعة وشيكة
وقال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو أمام مجلس الأمن الدولي “ما لم يحدث أي تغيير، فإن شمال غزة يواجه مجاعة وشيكة، علينا أن نثابر ونتحمل مسؤولياتنا حتى لا يحدث ذلك أمام أعيننا”.
وتحدث راميش راجاسينغهام باسم منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، عن تفش للمجاعة “لا يمكن تجنبه تقريباً”.
وقال “نحن في نهاية فبراير (شباط)، ويوجد ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع السكان، على بعد خطوة واحدة من المجاعة. ويعاني واحد من كل ستة أطفال تحت سن الثانية في شمال غزة من سوء التغذية الحاد والهزال”.
وأضاف “عملياً، يعتمد جميع سكان غزة تقريباً على المساعدات الإنسانية غير الكافية للبقاء على قيد الحياة”، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى التحرك.
في هذا السياق، أعلن الناطق باسم وزارة الصحة التابعة لحركة “حماس” أشرف القدرة، الأربعاء، أن طفلين توفيا بسبب “الجفاف وسوء التغذية” في مستشفى الشفاء بمدينة غزة (شمال). وأضاف “ارتفاع حصيلة قتلى المجاعة بين الأطفال إلى ستة نتيجة الجفاف وسوء التغذية”.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، قتل 76 شخصاً في الأقل بالقصف في مناطق مختلفة من القطاع المحاصر خلال 24 ساعة.
قبل الفجر، استهدفت غارات مناطق في شمال غزة ترافقت مع قتال بري، كما طالت خان يونس ورفح في الجنوب، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية بالمنطقة المكتظة. وتركزت المعارك البرية في مدينة خان يونس الواقعة على مسافة بضعة كيلومترات شمال مدينة رفح.
وكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي مراراً أن اجتياح رفح لا مفر منه لتحقيق “نصر كامل” على “حماس”، مشيراً إلى خطة لإجلاء المدنيين من المنطقة.
بلغ عدد الضحايا في غزة حتى الآن 29954 قتيلاً، غالبيتهم العظمى مدنيون، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر، وفق وزارة الصحة في القطاع.
في ذلك اليوم، نفذت “حماس” هجوماً على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصاً غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
كما احتجز نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 130 منهم ما زالوا في غزة، ويعتقد أن 31 منهم قتلوا.
“محيط من الحاجات”
من جهته قال رئيس المجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند إنه لم يسبق له أن رأى “مكاناً يتعرض لهذا القدر من القصف على مدى هذه الفترة الطويلة مع سكان محاصرين إلى هذا الحد من دون أي منفذ”.
وشدد في مقابلة مع أحد الشبكات من رفح على أن المنظمات الإغاثية “غارقة في هذا المحيط من الحاجات”.
ورفح هي النقطة الأساسية لدخول المساعدات التي تفتشها إسرائيل ولا تصل سوى بكميات محدودة جداً من مصر.
ولم تتمكن أي قافلة من الوصول إلى شمال قطاع غزة منذ 23 يناير (كانون الثاني)، بحسب الأمم المتحدة التي تندد بالعرقلة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية.
وقال مروان عوضية أحد سكان المنطقة الشمالية “لا طعام هنا، حتى العلف الذي كان من المفترض أن نأكله لم يعد متوفراً، لا نعرف كيف سنتمكن من البقاء على قيد الحياة”.
مساعي الهدنة
في الأثناء، تواصل قطر والولايات المتحدة ومصر جهود الوساطة بين إسرائيل وحركة “حماس” سعياً لهدنة قبل بدء شهر رمضان في 10 أو 11 مارس (آذار)، تتيح الإفراج عن رهائن المحتجزين داخل القطاع وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية.