اعتبر الكرملين اليوم الإثنين أن فكرة إجراء محادثات سلام من دون روسيا “سخيفة”، وذلك بعدما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يأمل في عقد قمة خلال الربيع في سويسرا لمناقشة رؤيته للسلام مع حلفاء كييف. وأضاف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين، “قلنا مراراً إن هذه صيغة غريبة، هذا أقل ما يقال عنها، لأن تنفيذ خطط سلام من دون مشاركة روسيا وهو أمر عبثي في حد ذاته، بل ومثير للضحك”.
وكان أندريه يرماك، رئيس مكتب زيلينسكي قال أمس الأحد، إنه قد يتم تسليم روسيا لاحقاً خططاً ستُطرح في قمة سويسرا. وتابع “قد يكون هناك وضع ندعو فيه ممثلين عن روسيا الاتحادية لتقديم الخطة لهم في حال كان مَن يمثل الدولة المعتدية في ذلك الوقت يريد إنهاء هذه الحرب بشكل حقيقي والعودة إلى السلام العادل”.
وبعد عامين من بدء الحرب، تسيطر روسيا على ما يقل قليلاً عن خُمس الأراضي الأوكرانية المعترف بها دولياً. وقالت موسكو مراراً إنها منفتحة على المحادثات لكن يجب الاعتراف “بالحقائق الجديدة على الأرض”، فيما تطالب أوكرانيا باستعادة وحدة أراضيها والانسحاب الكامل للقوات الروسية.
من جهتها، قالت القوات الجوية الأوكرانية، اليوم الإثنين، إن روسيا أطلقت 14 طائرة مسيرة هجومية ووابلاً من الصواريخ على أوكرانيا ليل الأحد – الإثنين.
وأضافت أن أنظمة الدفاع الجوي دمرت تسع مسيرات بالإضافة إلى ثلاثة صواريخ موجهة فوق منطقتي خاركيف ودنيبروبتروفسك.
وذكرت القوات الجوية الأوكرانية على تطبيق “تيليغرام” أن روسيا أطلقت أيضا صاروخين من طراز “إس-300” من أنظمة صواريخ مضادة للطائرات وصاروخا جو-أرض من طراز “كيه.إتش-31 بي”.
ولم يتضح بعد مصير الصواريخ والمسيرات التي لم يتم إسقاطها.
هجوم جديد
في هذا الوقت، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الأحد إن القوات الروسية تستعد لشن هجوم جديد على الأراضي الأوكرانية في أواخر مايو (أيار) أو الصيف، لكنه أكد أن كييف لديها خطتها الواضحة للحرب.
وأضاف زيلينسكي في مؤتمر صحافي أن من المهم لكييف وحلفائها الغربيين أن يبقوا متحدين، وتوقع شهرين صعبين مقبلين يعقبهما هجوم روسي جديد. وتابع “ستستعد روسيا لشن هجوم مضاد في بداية الصيف أو نهاية مايو. إذا كانوا قادرين على ذلك. سيستعدون”.
وقال زيلينسكي “سنستعد لهجومهم. أعتقد أن هجومهم الذي بدأ في الثامن من أكتوبر لم يأت بأي نتائج. ونحن من جانبنا سنعد خطتنا”.
وأحيت أوكرانيا الذكرى الثانية للهجوم الروسي واسع النطاق السبت مع تقدم القوات الروسية على طول خط المواجهة مترامي الأطراف، وتراكم المشكلات من نقص قذائف المدفعية إلى الافتقار إلى القوة البشرية الجديدة.
وأضاف أنه على يقين بأن الكونغرس الأميركي سيوافق على إرسال دفعة كبيرة من المساعدات العسكرية والمالية لبلاده، وأن أوكرانيا بحاجة إلى هذا القرار في غضون شهر.
وذكر أن المجهود الحربي الأوكراني يعتمد على الدعم الغربي، موضحاً أن الاتحاد الأوروبي لم يقدم سوى 30 في المئة من مليون قذيفة ذخيرة وعد بها.
وحققت روسيا هذا الشهر أكبر مكاسبها في ساحة المعركة منذ مايو 2023 عندما استولت على بلدة أفدييفكا، التي انسحبت منها القوات الأوكرانية حتى لا تتعرض للحصار.
وقال زيلينسكي “إنهم يعلمون أننا بحاجة إلى الدعم في غضون شهر”، مضيفاً أن لديه “شعوراً إيجابياً” حيال إرسال شركاء كييف صواريخ طويلة المدى إليها.
اجتماع لدول أوروبية داعمة لأوكرانيا في باريس
وفي السياق، يجتمع نحو 20 رئيس دولة وحكومة معظمهم من أوروبا اليوم الإثنين في باريس، لتأكيد وحدتهم ودعمهم لأوكرانيا مجدداً، التي تواجه وضعاً مأزوماً بعد أكثر من عامين من حرب ضارية مع موسكو.
وسيحضر معظم الزعماء الأوروبيين بينهم المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس البولندي أندريه دودا، إضافة إلى رؤساء وزراء 15 دولة في الاتحاد الأوروبي، هذا الاجتماع في قصر الإليزيه الذي سيفتتح بمداخلة عبر الفيديو للرئيس الأوكراني.
ولن يحضر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بسبب تصويت البرلمان المجري على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، وسيكون رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو في باريس. وهاتان الدولتان الأكثر تحفظاً داخل الاتحاد الأوروبي إزاء دعم أوكرانيا.
ويشارك في الاجتماع ممثلان عن الولايات المتحدة وكندا، إضافة إلى وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون.
والهدف يكمن في “إعادة التعبئة ودراسة كل سبل دعم أوكرانيا بشكل فعال”، حسبما ذكر الإليزيه، وسط قلق سائد في حين تجد كييف نفسها في وضعية مأزومة في مواجهة روسيا لافتقارها عسكرياً إلى العديد والعتاد.
وذكرت الرئاسة الفرنسية أن “الأمر يتعلق بدحض الانطباع بأن الأمور تنهار، والتأكيد من جديد أننا لم نتعب وأننا مصممون على وقف العدوان الروسي. نريد أن نبعث رسالة واضحة إلى بوتين بأنه لن ينتصر على أوكرانيا”.
وفي حين من غير المرتقب الإعلان عن مساعدات جديدة، سيدرس المشاركون سبل “القيام بعمل أفضل وأكثر حسماً” في حين أكدت كييف الأحد أن نصف الأسلحة الغربية الموعودة يتم تسليمها بشكل متأخر.
وقالت الرئاسة الفرنسية “الجميع يبذلون كل ما في وسعهم لتسليم الأسلحة. يجب أن نكون جميعاً قادرين على القيام بعمل أفضل معاً، كل وفق قدراته”.
ووقعت دول أوروبية عدة بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا، اتفاقات أمنية ثنائية مع كييف في الأسابيع الأخيرة، لكن الاتحاد الأوروبي يجد صعوبة في الإيفاء بالتزاماته، بخاصة في ما يتعلق بتسليم القذائف.
والمساعدة الأميركية التي تعتبر بالغة الأهمية بالنسبة إلى كييف، معلقة حالياً من جانب أنصار دونالد ترمب الجمهوريين الذين يتمتعون بالأغلبية في مجلس النواب.
وجاء في بيان الإليزيه “لم نستسلم ولسنا انهزاميين. لن تنتصر روسيا في أوكرانيا”.
وسيبحث الاجتماع أيضاً زيادة الهجمات الإلكترونية والمعلوماتية من روسيا التي “باتت أكثر عدوانية” وتمثل “خطراً متزايداً على أوروبا” وفقاً للرئاسة الفرنسية.