لا تزال الصحف العالمية تخصص جزءاً كبيراً من مقالاتها لتحليل مجريات الحرب الدائرة في غزة، لا سيما بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت ضد قرار مجلس الأمن الأخير لصالح وقف إطلاق النار في القطاع، والذي فتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن قد تراجعت عن موقفها الداعم لإسرائيل في الحرب.
وفي أولى مقالاتنا لعرض الصحف لهذا اليوم، نستعرض مقالاً نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، بعنوان “على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا .. الآن”، بقلم الكاتب الصحفي دانيال كورتزر – الذي كان يشغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل بين عامي 2001 و2005.
يستهل كورتزر مقاله بالقول إن رد إسرائيل الشديد على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن بخصوص وقف إطلاق النار في غزة، هو خطوة “محيرة”، إذ يرى أن إسرائيل تكثف من سلوكها “المربك” ضد البيت الأبيض في لحظة حرجة من الحرب.
يقول الكاتب: “من ناحية، أظهرت إدارة بايدن دعماً غير مسبوق لإسرائيل – في توفير الأسلحة دون توقف والدعم السياسي المستمر – حتى في مواجهة المعارضة المتزايدة من داخل الحزب الديمقراطي، وفي الجامعات، وداخل البلاد”، و”من ناحية أخرى، أصبحت ردود إسرائيل على المناشدات الأمريكية لتخفيف هجومها العسكري وضمان توفير المساعدات الإنسانية أكثر حدة”.
يقول كورتزر: “احتوى قرار مجلس الأمن على ما يكفي مما سعت إليه الولايات المتحدة في القرار الذي صاغته الأسبوع الماضي والذي استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضده .. وعلى وجه التحديد، يدعو القرار إلى وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان ـ وبالتالي فهو لمدة محدودة ـ ويطالب بالإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن.. لذا فمن المحير أن نحاول تفسير سبب رد الفعل الإسرائيلي المبالغ فيه”.
ويضيف: “أوضحت الإدارة أنها لا تعارض من حيث المبدأ خطة التحرك ضد مقاتلي حماس في رفح، بشرط وجود خطة للمدنيين”، متسائلاً: “لماذا لا يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي التحدث مع الأميركيين في هذه اللحظة الحرجة؟”.
ويوضح الكاتب أن الإدارة الأمريكية تدرس ما إذا كانت إسرائيل ملتزمة بمذكرة الأمن القومي رقم 20 التي تتطلب – من بين أمور أخرى – من متلقي الأسلحة الأمريكية تقديم ضمانات بأن الأسلحة الأمريكية ستُستخدم وفقاً للقانون الدولي.
ونظراً لتحذير نائبة الرئيس، كامالا هاريس، من أن الهجوم على رفح سيكون له “عواقب”، فلا ينبغي لإسرائيل أن تختبر الولايات المتحدة في هذا الوقت بشأن هذه القضية.
ويضيف: “ثانياً، ادعت إسرائيل بعض النجاح حتى الآن في الحرب ضد حماس، ولكن التكاليف كانت باهظة للغاية بالنسبة للخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين والأزمة الإنسانية في مختلف أنحاء غزة”.
وينهي كورتزر قائلا: “قال دين راسك، وزير الخارجية الأمريكي في عهد جون كينيدي وليندون جونسون ذات مرة، إن أهم أداة في الدبلوماسية هي القدرة والرغبة في الاستماع، وهذه نصيحة جيدة للحكومة الإسرائيلية الحالية”.