أصدر مجلس الأمن مساء أمس القرار رقم 2728 الذي ينص على النقاط الرئيسة أدناه:
– يطالب كل الأطراف بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان في غزة مما سيقود لوقف دائم لإطلاق النار.
– إطلاق سراح الرهائن فوراً من دون قيد أو شرط.
– السماح بوصول المساعدات الطبية والإنسانية هناك.
– التزام كل الأطراف القانون الدولي تجاه الأشخاص المحتجزين لديهم.
والملاحظ على هذا القرار هو:
– مطالبته بوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان الذي مضى نصفه وقت إصدار القرار، والمثل الشعبي يقول “لا تعد شهر مضى منه ليل”. أي إن رمضان يوشك على الانتهاء قبل أن يجف حبر القرار.
– أن القرار صدر تحت البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يرتب على أي من الأطراف أية تبعات أو عقوبات في حال عدم تنفيذه، وهو ما لن تلتزم به إسرائيل، بل رفضته من اللحظة الأولى لاستصداره.
– أن القرار وافقت عليه 14 دولة عضواً من أعضاء مجلس الأمن الـ15 وهو شبه إجماع نادر داخل المجلس.
– امتنعت الولايات المتحدة وحدها – على غير عادتها – عن القرار لتمريره ولم تستخدم حق النقض (الفيتو) لتعطيله.
– يعكس امتناع الولايات المتحدة شعورها بالعزلة الدولية في موقفها بسبب مساندتها اللامحدودة للضربات الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ أكثر من خمسة أشهر على غزة، كما يعكس حدة الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن الذي بدأ يتعامل مع أطراف حكومة الحرب الأخرى غير نتنياهو مثل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وزعيم المعارضة بيني غانتس.
– الامتناع الأميركي عن عرقلة القرار هو امتناع انتخابي رئاسي داخلي، فالرئيس بايدن يواجه منافساً شرساً – دونالد ترمب – إذ تظهر الاستطلاعات تفوق ترمب على بايدن على رغم العراقيل والاتهامات القانونية التي يواجهها الملياردير الجمهوري، والتي عززت وقوت قاعدته الانتخابية بدلاً من ضعضعتها.
– يواجه بايدن معارضة شديدة داخل حزبه الديمقراطي من الانحياز لحكومة نتنياهو وعنفه ضد غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 متسبباً في قتل وجرح أكثر من 100 ألف فلسطيني وتشريد سكان القطاع وتهديم منازلهم وبناهم التحتية. فاليسار الديمقراطي والليبراليون داخل الحزب وشبابه وطلاب الجامعات – بمن في ذلك اليهود المناهضون للصهيونية – يعلو صوتهم بشعار “فلسطين حرة”، وأصبح هذا الشعار بالنسبة إليهم ملازماً لشعارات حق الإجهاض وحقوق المثليين وحقوق السود وحركة “حياة السود حق” BLACK LIVES MATTER.
– عمق القرار الانقسام الحاد داخل إسرائيل بين اليمين الصهيوني المتشدد وبقايا اليسار والمعارضة وبقايا حزب العمال الإسرائيلي الذين يطالبون بالتفاوض ووقف الحرب من أجل إطلاق سراح الرهائن.
– رحبت الأطراف الفلسطينية بالقرار وأعلنت حركة “حماس” استعدادها للتعامل مع القرار والدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب على غزة.
يزيد قرار مجلس الأمن رقم 2728 الذي صدر ليلة البارحة من العزلة الإسرائيلية، ويحولها إلى دولة منبوذة في المجتمع الدولي، ويعزز من انقلاب صورتها الوهمية التي عملت الصهيونية العالمية على خلقها على مدى عقود بأنها دولة ديمقراطية إنسانية مسالمة، ودفعت من أجل خلق ذلك الوهم الغالي والثمين، وراحت كل تلك الجهود الهائلة تحت أنقاض غزة بين جثث الأطفال والنساء والأبرياء هناك.
لا يعني التنظير والتحليل والفذلكات الكلامية والإعلامية والسياسية شيئاً لطفل جائع في غزة الآن أو لمريض يتأوه من الألم أو مكلوم يعيش بين خرائب غزة وركام بيوتها، فالقرارات لا تعني لهذا الإنسان المنكوب شيئاً، فهو الآن مهتم بالبقاء ليوم الغد، أما القرارات الدولية بالنسبة إلى هذا الإنسان فهي كما المثل الشعبي: “دوا جمعة، لا يسر ولا يضر”.