حض الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه السنوي حول حال الاتحاد مساء الخميس الكونغرس على إقرار المساعدات لأوكرانيا من أجل “وقف” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متهماً سلفه دونالد ترمب الذي سيخوض ضده الانتخابات الرئاسية المقبلة بـ”الخضوع” لسيد الكرملين.
وقال بايدن أمام الكونغرس بمجلسيه إن ترمب “يقول لبوتين: افعل ما يحلو لك بحق الجحيم”، مضيفاً “لن أنحني” و”التاريخ يراقب بكل ما للكلمة من معنى”. وأضاف الرئيس الديمقراطي أن رئيس “روسيا بوتين يسير قدماً ويهاجم أوكرانيا ويزرع الفوضى في سائر أنحاء أوروبا وخارجها”.
وتابع “إذا كان أي شخص في هذه القاعة يعتقد أن بوتين سيتوقف عند أوكرانيا، فأنا أؤكد لكم أنه لن يفعل”.
وفي خطابه أمام أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وحشد من المدعوين قال بايدن “قبل وقت ليس طويلاً قال رئيس جمهوري يدعى رونالد ريغان (سيد غورباتشيف، أهدم هذا الجدار)”، مستحضراً الخطاب الشهير الذي ألقاه سلفه الراحل في برلين في 1987 في آخر أيام الحرب الباردة.
وأضاف بايدن أن “سلفي، الرئيس الجمهوري السابق، يقول لبوتين: افعل ما تريد بحق الجحيم. هذا اقتباس حرفي”، معتبراً أن ما ورد على لسان ترمب “أمر شائن وخطير وغير مقبول”.
وتابع الرئيس الديمقراطي “رسالتي إلى الرئيس بوتين الذي أعرفه منذ فترة طويلة هي بسيطة : لن نتراجع”. وأضاف “لن أنحني” أمام بوتين.
الاقتصاد الأميركي
وأشاد الرئيس الأميركي بوضع اقتصاد بلاده القوي وتعافيه بعد أزمة جائحة كورونا.
وقال بايدن أمام الكونغرس بمجلسيه “أيها الناس، لقد ورثت اقتصاداً كان على حافة الهاوية… الآن أصبح اقتصادنا موضع حسد العالم بكل ما للكلمة من معنى. 15 مليون وظيفة جديدة في ثلاث سنوات فقط – وهذا رقم قياسي، والبطالة عند أدنى مستوياتها منذ 50 عاماً”.
وألقى الرئيس الأميركي الخطاب السنوي عن حال الاتحاد، والذي يأتي في مرحلة مفصلية في المسيرة السياسية للديمقراطي البالغ 81 سنة، مع سعيه لإقناع الناخبين المترددين بقدرته على هزيمة الجمهوري دونالد ترمب في المواجهة المرجحة بينهما في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
ويتخلف بايدن أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة سناً بفارق ضئيل في استطلاعات الرأي عن الرئيس الجمهوري السابق ترمب الذي يبلغ 77 سنة.
وقف إطلاق النار في غزة
ودعا الرئيس الأميركي إلى “وقف فوري لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع” بين إسرائيل و”حماس”، مؤكداً “أواصل العمل دون توقف من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة قد يستمر 6 أسابيع”
وحذّر بايدن إسرائيل من أنه لا يمكنها أن تستخدم ملف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة “ورقة مساومة”.
وقال “إلى قيادة إسرائيل أقول ما يلي: لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تكون مسألة ثانوية أو ورقة مساومة. إن حماية وإنقاذ أرواح الأبرياء يجب أن تكون الأولوية”.
“في سني تصبح الأمور أوضح”
ورد الرئيس الأميركي في خطابه على منتقدي ترشحه لولاية ثانية رغم سنه المتقدم بالقول إن سنواته الـ81 جعلته يرى الأمور “أوضح أكثر من أي وقت مضى”.
وقال الرئيس الديمقراطي أمام الكونغرس بمجلسيه “أعلم أن الأمر قد لا يبدو كذلك، لكني مولود منذ فترة طويلة… في سني تصبح بعض الأمور أوضح أكثر من أي وقت مضى”.
بايدن يرفض “شيطنة” المهاجرين
وشن الرئيس الأميركي هجوماً عنيفاً على ترمب بسبب الخطاب المناهض للمهاجرين الذي ينتهجه الملياردير الجمهوري.
وقال “لن أشيطن المهاجرين قائلاً إنهم (يسممون دماء بلادنا)”، مقتبساً تصريحاً لسلفه، مطالباً الكونغرس بإصلاح قوانين الهجرة.
مواجهة وجودية
وتتحضر الولايات المتحدة لمواجهة جديدة بين بايدن وترمب في 2024، بعد أربعة أعوام من فوز الرئيس الديمقراطي على منافسه الجمهوري وإخراجه من البيت الأبيض في انتخابات 2020. وحقق كل منهما فوزاً كبيراً هذا الأسبوع في “الثلاثاء الكبير” الذي شهد انتخابات تمهيدية للحزبين الديمقراطي والجمهوري في ولايات عدة.
عودة قوية لترمب
وبعد أربعة أعوام من حرمانه الفوز بولاية ثانية، عاد ترمب بقوة إلى السياسة الأميركية، وتضعه استطلاعات رأي في موقع أفضلية على بايدن، على رغم مواجهته سلسلة من الاتهامات والمحاكمات، إحداها على خلفية محاولته قلب نتيجة انتخابات 2020.
ويعول الثري الجمهوري على قاعدة صلبة من المؤيدين، خصوصاً في أوساط الطبقات العاملة والناخبين البيض.
وعلى رغم تخلفه في الاستطلاعات، يعول بايدن على خطاب حال الاتحاد لتذكير الأميركيين بالأسباب التي دفعتهم لانتخابه في 2020 وإقناعهم بمنحه ولاية ثانية من أربعة أعوام.
صياغة الخطاب
وأمضى بايدن ثلاثة أيام في نهاية الأسبوع الماضي مع مساعديه في منتجع كامب ديفيد للعمل على صياغة الخطاب، ويأمل في استكمال وضع اللمسات الأخيرة عليه الخميس، وفق ما أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار.
وشدد البيت الأبيض على أن بايدن سيكون حاضراً لمواجهة أي مضايقات من حلفاء ترمب المتشددين خلال الخطاب. الا أن هذا ليس الخطر الوحيد الذي يواجهه، فالعديد من المراقبين ينتظرون الخطاب لتبيان ما اذا كان بايدن سيظهر أي علامات ضعف بعد سلسلة من التعثرات والهفوات خلال الأعوام الماضية.
وقالت سارادا بيري التي كانت ضمن كتاب الخطابات في فريق الرئيس السابق باراك أوباما، لوكالة الصحافة الفرنسية “في ما يتعلق بأي رئيس… فالتعثر بطريقة ما، ليس بالضرورة جسدياً، لكن في الكلمات حتى، قد يكون له غالباً تأثير يطغى على (تأثير) ما يقوله الرئيس”.
دعوة أرملة نافالني
في غضون ذلك، أصدر البيت الأبيض مقطع فيديو يظهر بايدن وهو يتحدث مع نجوم من هوليوود سبق لهم وأن أدوا دور رئيس الولايات المتحدة، بينهم جينا ديفيس ومايكل دوغلاس ومورغان فريمان.
ودعا بايدن السيدة الأوكرانية الأولى أولينا زيلينسكا وأرملة المعارض الروسي الراحل أليكسي نافالني لتكونا ضيفتيه في مبنى الكابيتول أثناء إلقائه الخطاب. لكن أعلن البيت الأبيض أن السيدتين لن تتمكنا من تلبية الدعوة.
التواصل مع المؤثرين للترويج للخطاب
وقدّم البيت الأبيض للمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي إحاطة حول الخطاب السنوي لبايدن عن حال الاتحاد، وسط سعي حملته الانتخابية المستمر للتواصل مع الناخبين الشبان.
لكن حدثاً كخطاب حال الاتحاد رغم أهميته في عالم السياسة الأميركية يكافح لإحداث اختراق في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بين الشبان الذين يبتعدون إلى حد كبير عن التغطيات السياسية التقليدية.
وقال البيت الأبيض إنه في محاولة لجذب جمهور جديد، عقد مسؤولون اجتماعات مع عشرات من المؤثرين في سعيهم للترويج للخطاب على الإنترنت. وقال مسؤول الخميس إن البيت الأبيض استضاف نحو 70 من الناشرين وصانعي المحتوى الرقميين والمؤثرين الذين لديهم نحو 100 مليون متابع في الأيام الأخيرة. وأضاف المسؤول “الهدف من هذه الأحداث هو إطلاع صنّاع المحتوى على ما سيتم تغطيته في خطاب حال الاتحاد للوصول إلى جمهور لا يتعامل مع وسائل الإعلام التقليدية”.
وللمرة الأولى، سيتم بث خطاب حال الاتحاد مباشرة على تطبيق “إنستغرام” حيث يملك حساب البيت الأبيض 19 مليون متابع. والخطاب سيكون متاحاً أيضاً على موقع “فيسبوك” ومنصة “إكس” التي مالت للجناح اليميني منذ استحواذ إيلون ماسك عليها عام 2022. ولم يذكر البيت الأبيض تطبيق “تيك توك” الذي تملكه شركة صينية ويعد الأكثر شعبية بين المستخدمين الصغار في السن الذين يستهدفهم بايدن.
الضغط لوقف إطلاق النار بغزة
وفي الأثناء، خرجت احتجاجات متفرقة في أنحاء الولايات المتحدة قبيل خطاب حال الاتحاد لبايدن، طالبه خلالها نشطاء بالضغط من أجل وقف دائم لإطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس” وبذل المزيد من الجهد للحد من الهجمات الإسرائيلية في غزة.
وأعاق المتظاهرون حركة المرور في بوسطن ولوس أنجليس. ووفقاً لإحدى الجماعات وتقرير إعلامي محلي فقد جرى إلقاء القبض على أكثر من 50 شخصاً في بوسطن.
وقبل خطاب بايدن تجمع العشرات قرب البيت الأبيض، مما دفع الشرطة لإغلاق طريق قريب. وقال أحمد أبو زنيد المدير التنفيذي للحملة الأميركية من أجل حقوق الفلسطينيين “نحن هنا اليوم لأن الكيل قد طفح”.
وقال مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية إن الخطاب هو “الفرصة الأفضل وربما الأخيرة” لبايدن لإعلان خطوات لتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة واستعادة دعم العرب والفلسطينيين والأميركيين المناهضين للحرب والذين يشعرون بخيبة أمل إزاء سياسته.
وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية في وقت سابق إن بايدن سيناقش الخطط الأميركية لبناء ميناء في غزة لشحن المساعدات الإنسانية.
وقبل ساعات من إلقاء الخطاب، تم تطويق مبنى الكابيتول الأميركي بسياج عالٍ من الأسلاك كما هو معتاد قبل الخطاب الرئاسي السنوي أمام الكونغرس بمجلسيه.