خلال مراسم إحياء ذكرى الانطلاقة الـ 55 لحركة فتح، صرّح مسؤولها في قطاع غزّة أحمد حلس بأن عام 2020 سيشمل تغييرات كبيرة على نطاق التنظيم، وسيكون “عام الشباب الفتحاوي” الذي من المقرّر أن يتدرج في السلّم الحركي حتى يصل إلى موقع صناعة واتخاذ القرار.
لم يكن حديث حلّس محض الصدفة، بل جاء إثر سلسلة اجتماعات أجراها مع رئيس اللجنة التنفيذية لحركة فتح، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي منحها صلاحيات كاملة لتنظيم كوادر الحركة في قطاع غزّة، بما يضمن بقاءها قوية ومنافِسة للتيار الإصلاحي لفتح بزعامة محمد دحلان.
قيادة شبابية جديدة
وبالفعل، باشرت قيادة “فتح” بإجراء تغيرات جذرية على نطاق التنظيم، بما يضمن تفادي المشاكل السابقة داخل الحركة، وتعيين الكادر المناسب في منصبه الصحيح، على شرط أن يكون ولاؤه لحركة “فتح” بقيادة عبّاس، وذلك حفاظاً على منع تسلّل كوادر تيار دحلان إلى مناصب صناعة القرار.
مصدر فتحاوي مقرب من قيادة الحركة في قطاع غزّة كشف لـ “اندبندنت عربية”، أن عبّاس قرر عدم وصول أي شخص إلى مناصب إدارية إلا بمعايير شديدة جداً، كما أن التعديلات التي ستُعتمد تضمن وصول الشباب إلى سدة الحكم شرط التأكد من ولائهم لرئيس السلطة.
وبحسب المعلومات التي وصلت إلى مراسلنا في قطاع غزّة، فإن بعض قيادات تيار دحلان تسلل فعلاً إلى مناصب إدارية في صفوف الحركة، بخاصة بعد الانتخابات الداخلية الأخيرة التي أجرتها.
وبدأت تغييرات قيادة حركة فتح من إقليم محافظة رفح جنوب غزّة، ويُفترض بحسب المصدر إجراء تعديلات في معظم قيادات الحركة في مختلف الأقاليم في غزّة.
وأوضح المصدر الفتحاوي أن أحمد حلس قائد فتح في غزّة عقد اجتماعاً مع عباس لدراسة الملفات المتعلقة بالحركة في القطاع بهدف تطويرها، ومن الأشياء التي اتُفق عليها، تغيير كل إدارة الأقاليم في قطاع غزّة.
أعضاء المجلس الثوري من غزّة
ويتمثل الهيكل التنظيمي لحركة فتح في قطاع غزّة من هيئة قيادية عليا، وثمانية أقاليم منتشرة في المحافظات، وسلسلة مكاتب حركية تشمل كلّ التخصصات وتتفرع منها شعب وخلايا وكوادر تنظيمية. وبحسب المصدر فإن القيادة الجديدة لفتح ستكون من فئة الشباب، وسيتم تعيين أعضاء من غزة في المجلس الثوري، وذلك لتغطية عجز الكوادر الموجودة في مختلف المحافظات، ولا توجد كوادر من القطاع أعضاء في المجلس الثوري.
ويتكون المجلس الثوري الفلسطيني من 20 عضواً، يُفترض أن يصبح 8 منهم، بعد إجراء التغيرات الإدارية في جسم الحركة، من المتحدرين من غزة.
ويعيّن أعضاء المجلس الثوري في غزّة، بناءً على توزيع المناطق، ومن بين الأسماء التي طُرحت، تعيين إياد حلس عضواً للمجلس الثوري من منطقة شرق غزّة، وجمال عبيد من شمال القطاع، وعبد الخالق الفرا عن خان يونس، وأحمد أبو هولي عن غرب غزّة.
ويوضح المصدر أن هذه التعيينات قد تتغير في أيّ وقت، وفق الخبرات والتوزيع الحركي والكفاءة والتدرج التنظيمي، لافتاً إلى أنّه من المقرر بدء عقد مؤتمرات في المحافظات لاختيار القيادة الجديدة، وذلك تمهيداً لعقد مؤتمر كامل للحركة.
وفي حال تشكيل الهيئة الجديدة للمجلس الثوري لفتح، فستكون أعلى هيئة قيادية في الحركة، وصاحبة القرار الأوّل والأخير داخل التنظيم، وستعمل على إعادة بلورة حركة فتح من جديد داخل الضفة الغربية وقطاع غزّة.
تسلل “دحلاني”
وجاءت هذه التغيرات داخل حركة فتح في غزّة، بسبب الصراع الداخلي بين “فتح الشرعية” (بزعامة عبّاس) والتيار الإصلاحي (بزعامة دحلان)، ويتمثل هذا الصراع على النفوذ والتنافس في الوصول إلى مناصب قيادية.
واضطرت قيادة فتح إلى تغيير قياداتها، بعد نجاح تيار دحلان في تشكيل تجمعات وتكتلات داخل مؤسسات وهياكل التنظيم (التابع لعبّاس) في خطوة لاختراق الحركة، والحصول على أعلى أصوات في حال إجراء الانتخابات الداخلية أو التشريعية المقررة.
عناصر جديدة في فتح
ومن بين الملفات الأخرى التي ناقشها حلس مع عبّاس، فتح باب الانتساب إلى الحركة. وأشارت معلومات مؤكّدة إلى موافقة عبّاس، على استيعاب عدد جديد من الشباب إلى الكادر التنظيمي الحركي.
وسيُفتح الباب الانتساب لحوالى 2500 عضو جديد، وفقاً لمعايير شديدة، ويعد هذا الإجراء الأوّل من نوعه منذ عام 2007، بعد خروج قيادة فتح من غزّة، على خلفية سيطرة حركة حماس على الحكم فيها، عقب فوزها في الانتخابات التشريعية التي جرت آنذاك. ويُفترض اختيار الكوادر الجديدة من فئة الشباب.
استحقاقات مالية واعتماد رتب
وفضلاً عن ذلك، وافق عباس على استحقاق الراتب لعناصر فتح، وسيجري العمل على صرف مستحقات الكوادر الفتحاوية القديمة والجديدة، بقيمة مالية شهرية تُقدر بحوالى 500 دولار أميركي.
ويؤكّد المصدر الفتحاوي على أنه اتخذ قراراً داخلياً سيتمّ تنفيذه اليوم الاثنين، ينص على دراسة كل ملفات عناصر الحركة، والبدء بتفريغهم مالياً وإضافتهم إلى سلم النظام المالي لحركة فتح، ويشمل القرار مسؤولي مناطق غير مفرغين، وعناصر عمِلت في الحركة على مدار سنوات طويلة من دون مكافآت مالية. ويأتي هذا الاستيعاب المالي تحت بند النظام المالي لحركة فتح وليست له علاقة بالسلم الوظيفي الخاص بالحكومة الفلسطينية.
والملف الثالث الذي وافق عليه عبّاس، هو اعتماد رتب عسكرية وضباط في السلك الحكومي العسكري، وتحسين وضعهم المالي، بالإضافة إلى حلّ المشاكل المالية للموظفين والعناصر التنظيمية لحركة فتح التي كانت عالقة منذ سنوات.