اهتمت الصحف الدولية والعربية والعبرية بتحليل تأثير الحرب الدائرة في غزة على الصعيد السياسي والاقتصادي، وما قد يحمله المستقبل، ونبدأ جولتنا بصحيفة “التايمز” البريطانية ومقال لسامر الأطرش يرى فيه أن كلاً من إسرائيل وحماس يخسران الحرب، لكن كلا منهما يعتقد أنه قادر على الفوز بالسلام.
فإسرائيل تقول إنها لن تهدأ لحين القضاء على حماس وإعادة الرهائن، وحماس لن تضع أسلحتها قبل أن تتعهد إسرائيل بسحب قواتها من غزة، وهي أهداف يرى الأطرش أنها “من غير المرجح أن تتحقق”، ما يزيد من صعوبة مهمة الوسطاء.
ومع ذلك، فإن إسرائيل “عازمة على تبديد وهم حماس أنها يمكن أن تخرج منتصرة من محادثات الدوحة، في حين تعتقد قيادة حماس أنها تحقق النصر، على الأقل من الناحية الاستراتيجية، وترغب في أن يعكس ذلك اتفاق وقف إطلاق النار”.
ويشرح المقال التحديات التي تعيق فوز كلا الجانبين؛ فإسرائيل تواجه “عزلة متزايدة وتتعرض لضغوط دولية”، كما تواجه مقترحات إقامة دولة فلسطينية، في حين “أُجهِضت” مفاوضات التطبيع مع السعودية إلى حد كبير.
في المقابل، يواجه الجانب الفلسطيني “تعثر محادثات وقف إطلاق النار المهددة بالانهيار”، مستشهداً بما أخبره به القيادي في حماس موسى أبو مرزوق الجمعة الماضية، عن أن المحادثات عادت إلى “المربع الأول”.
ففي الوقت الذي ترغب فيه حماس في أن توافق إسرائيل على إنهاء الحرب في مرحلة ما من المحادثات، إلا أن إسرائيل “تدرك للأسف أن أغلبية كبار قادة حماس ما زالوا على قيد الحياة”، لذا فهي ترغب في هدنة لتحرير الرهائن ثم استئناف الحرب.
واستعان الأطرش بما قاله غيرشون باسكن، الباحث الإسرائيلي بأن “كلا الجانبين سيخرج خاسراً، وعلينا أن نجد طريقة تمكن كلا الجانبين من تحقيق النصر”.
وكشف المقال عن القلق الإسرائيلي، وفق أحد المطلعين على المحادثات، من احتمال خروج زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، لإعلان النصر، وقال آخر “إذا لم تعلن إسرائيل عن مقتل السنوار، فقد فشلت”.
ويُرجِع المقال السبب إلى أن إسرائيل أطلقت سراح السنوار في عام 2011 مع مسلحين آخرين، مقابل إطلاق سراح جلعاد شاليط، الجندي الإسرائيلي الذي كان محتجزاً لدى حماس، وتخشى إسرائيل من أن يؤدي إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين مقابل الرهائن، إلى “ظهور 1000 سنوار جديد”.
وتصر كل من حماس وإسرائيل على أنهما من ينبغي أن يملي الشروط؛ واستشهد المقال بما قاله أحد كبار مسؤولي حماس عن المطالب الإسرائيلية، أن “المهزوم لا يُملي شروطه”، في حين ترفض إسرائيل التفاوض مع حماس، إذ تراها لا تختلف عن تنظيم القاعدة أو تنظيم ما يُعرف بالدولة الإسلامية، وفق المقال.
“بيانات مرعبة” للاقتصاد الإسرائيلي
ننتقل إلى صحيفة هآرتس، ومقالها الافتتاحي بعنوان “ضِيق المشرعين الإسرائيليين بالآثار الاقتصادية للحرب”، في ضوء إخلاء المصانع والشركات القريبة من الحدود مع القطاع الفلسطيني في الجنوب ومع لبنان في الشمال.
ويوضح المقال أن “الضيق العميق” الذي يعاني منه الكنيست الإسرائيلي، تجلت من خلال “المقاعد الفارغة” لأعضاء المجلس التشريعي في جلسة الأربعاء لمناقشة الأمر داخل اللجنة المعنية بتعزيز وتطوير النقب والجليل.
ويصف المقال بيانات تقرير اقتصادي إسرائيلي بأنها “مرعبة”، حيث تكشف أن “35.5 في المئة من سكان الجليل الشرقي والغربي، يعملون في قطاعات السياحة والزراعة والصناعة والبناء”.
وتوضح الصحيفة الإسرائيلية أن القطاعات السابقة “تضررت بشدة من عمليات الإجلاء وغياب السياح”، ناقلة تحذير التقرير الاقتصادي من “تسريح مئات الموظفين على المدى القريب والآلاف على المدى البعيد”.
ويهاجم المقال أعضاء الكنيست الذين يرى أنهم “فقدوا الاهتمام، على عكس عائلات الرهائن، الموجودين بشكل دائم في الكنيست، وغيرهم من مسؤولي البلدية المنتخبين، والموظفين في المنظمات غير الربحية ومن يكافحون من أجل محاولة تحسين الوضع الكارثي الناجم عن الحرب”.
واتهم المقال أعضاء الكنيست، بأن لديهم أدوات عديدة للمساعدة، لكن “لا أهمية لها عندما لا تكون لديهم الرغبة في المساعدة والتعامل مع المشكلات”، مختتماً بأن “السلطة التنفيذية تفضل النوم على العمل لصالح المواطنين”.
نتنياهو “ملك الخوف”
ونختتم جولتنا بصحيفة “معاً” الفلسطينية، ومقال لرئيس تحريرها الدكتور ناصر اللحام، بعنوان “رفح ليست آخر أهداف نتنياهو .. يريدها حرباً لسنوات وسنوات”.
ويصف اللحام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه “ملك الخوف” إذ نجح في “بيع الخوف” للإسرائيليين كوسيلة للحكم.
ويعدد المقال تلك المخاوف التي تتمثل في “الخوف من النووي الإيراني، الخوف من دولة فلسطينية غرب النهر، الخوف من سوريا، الخوف من حزب الله، الخوف من حماس، الخوف من منظمة التحرير، والخوف من أمريكا ومن الدول العربية”.
ويستفيض بأن نتنياهو “نجح في التلاعب بعقول المستوطنين” حتى “أقنعهم بأن المحكمة العليا مخيفة وأن العدالة ليست عادلة”، وجعلهم خائفين من السلام ومن المفاوضات “لدرجة أن وفد مفاوضات على تبادل أسرى، صار يتطلب استطلاعات رأي وعناوين صحفية وكابينيت حربي!”.
وبحسب المقال، فقد امتد الخوف حتى إلى “جميع من طرحوا أنفسهم بديلاً عن نتنياهو”، لدرجة أن أي فائز منهم في الانتخابات المقبلة “لن يستطيع تشكيل حكومة”، وأن الإسرائيليين “شربوا الخوف حتى فقدوا التمييز بين الحرب وبين الجرائم، وبين حق الشعب الفلسطيني وبين أن يعيشوا حياتهم”.
ويقول اللحام إن نتنياهو “أقنع اليسار قبل اليمين بأن فوزهم في الحرب يعتمد على اجتياح رفح، وبعد رفح سوف يبيعهم وَهْم الضفة الغربية لتستمر تحت الحكم العسكري، وربما قبل الضفة أو بعدها سوف يخيفهم من حزب الله ولبنان، وربما لاحقا سوريا وسيناء والأردن!”.