نقلت وكالة الإعلام الروسية عن الرئيس فلاديمير بوتين قوله في تصريحات نشرت، اليوم الأربعاء، إنه إذا دخلت قوات أميركية أوكرانيا فإن روسيا ستعاملها على أنها جهات دخيلة.
وقال بوتين في مقابلة مع الوكالة والتلفزيون الرسمي إنه إذا أجرت الولايات المتحدة تجارب نووية فإن روسيا قد تفعل الشيء نفسه.
وأضاف أن روسيا مستعدة من الناحية العسكرية والفنية لحرب نووية، لكن “ليس كل شيء يدفع باتجاهها” في الوقت الحالي.
من جهة أخرى، أدى هجوم بطائرة مسيرة، الأربعاء، على مصفاة للنفط في ريازان التي تبعد نحو 200 كيلومتر جنوب شرقي موسكو، إلى سقوط جرحى واندلاع حريق، كما أعلن بافيل مالكوف حاكم المنطقة.
وقال مالكوف على تطبيق “تيليغرام” “تعرضت مصفاة النفط في ريازان لهجوم بطائرة مسيّرة وبحسب المعلومات الأولية، هناك جرحى”.
وقال مسؤولون، اليوم الأربعاء، إن أوكرانيا شنت هجمات بطائرات مسيرة على عدة مناطق روسية لليلة الثانية على التوالي، وجرى تدمير أكثر من 30 مسيرة في الجو فوق منطقة فورونيغ.
وقال ألكسندر جوسيف، حاكم فورونيغ المتاخمة لأوكرانيا، عبر تطبيق “تيليغرام” إن “خطر التعرض لهجمات بمسيرات لا يزال قائماً”.
وأوضح أن الليلة الماضية شهدت “رصد وتدمير أكثر من 30 طائرة مسيرة من قبل أنظمة الدفاع الجوي في المنطقة” وأن أضراراً “طفيفة” لحقت بالبنية التحتية والمنازل السكنية.
وفي منطقة بيلغورود، أدى تساقط حطام المسيرات إلى إلحاق أضرار بخط إمدادات للغاز في إحدى القرى وانقطاع التيار الكهربائي عن قرى أخرى.
وقال فياتشيسلاف جلادكوف، حاكم بيلغورود المتاخمة هي الأخرى لأوكرانيا، على تطبيق “تيليغرام” إنه “لا توجد إصابات”.
وذكر جلادكوف أن أربع طائرات مسيرة أطلقتها أوكرانيا دُمرت فوق المنطقة وأن عدداً من المنازل تعرض لأضرار في بلدة جوبكين. وأضاف أن القوات الأوكرانية أطلقت النار على بلدة شبيكينو، مما أدى إلى إصابة شخص وتدمير خط كهرباء فيها وفي القرى المجاورة.
وقال رومان ستاروفويت حاكم منطقة كورسك إن أنظمة الدفاع الجوي دمرت ما لا يقل عن أربع طائرات مسيرة أطلقتها أوكرانيا.
وقال حاكم منطقة فورونيغ إن أنظمة الدفاع الجوي شاركت مرات عدة في صد هجمات بطائرات مسيرة، لكن لم تكن هناك أي “تداعيات على أهداف مدنية” نتيجة للهجوم.
هجمات روسية
في سياق متصل، قال مسؤولون أوكرانيون اليوم الأربعاء إن شخصين على الأقل قتلا في هجمات روسية بطائرات مسيرة وقنابل الليلة الماضية في منطقتي سومي ودونيتسك بشرق أوكرانيا.
وقال فاديم فيلاشكين حاكم منطقة دونيتسك عبر تطبيق تلغرام، إن الروس أسقطوا قنبلة على بلدة ميرنوهراد بالمنطقة مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة خمسة.
وقالت الإدارة العسكرية الإقليمية في سومي إن خسائر بشرية نتجت عن استهداف طائرة مسيرة روسية لمبنى سكني الليلة الماضية. وقالت الإدارة إن 30 شقة في مبنى سكني مكوّن من خمسة طوابق تضررت، و15 منها دُمرت بشكل كبير.
وقال المسؤولون إنه تم إنقاذ عشرة أشخاص من بين الأنقاض، ثمانية منهم أصيبوا بجروح… بينما في وقت متأخر من يوم أمس الثلاثاء، أصاب صاروخ روسي مبنيَين سكنيَين في مدينة كريفي ريه بوسط أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل أربعة وإصابة ما لا يقل عن 50 آخرين.
وأشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي ولد ونشأ في المدينة، بفرق الإنقاذ عبر تلغرام وتوعد روسيا بالمحاسبة.
مساعدة “متواضعة”
في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة، الثلاثاء، مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة مئات ملايين الدولارات، الأمر الذي لا يلبي إلى حد بعيد رزمة المساعدات الضخمة التي يطالب بها الرئيس جو بايدن ولا تزال معطلة في الكونغرس.
وتتضمن المساعدة خصوصاً صواريخ للدفاع الجوي وذخائر وقذائف مدفعية وتلبي “بعض الحاجات الملحة لأوكرانيا”، وفق ما قال جيك سوليفان مستشار الرئيس الأميركي.
وصرح مسؤول أميركي كبير “إنها مساعدة متواضعة نسبياً، تهدف إلى منح أوكرانيا الحد الأدنى الضروري لفترة قصيرة”. وسيتم تمويلها بفضل إعادة تقييم محاسبية للبنتاغون.
مواجهة بين بايدن وترمب
وقال المسؤول “لقد حققنا وفراً سيتيح لنا تمويل هذه المساعدة الجديدة”، مع تشديده على أن الوضع “استثنائي” ولا يشكل بديلاً من مصادقة الكونغرس الأميركي على أموال جديدة.
وتعجز واشنطن منذ أشهر عن إقرار رزمة مساعدات جديدة لكييف بقيمة 60 مليار دولار بسبب تعطيل يمارسه نواب جمهوريون.
ومنتصف فبراير، وافق مجلس الشيوخ على المشروع الذي يطالب به الرئيس بايدن ويرصد أيضاً أموالاً لإسرائيل وتايوان. لكن أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب يعلقون إقراره النهائي في مجلس النواب.
وتحولت هذه القضية إلى مواجهة بين بايدن وترمب في ذروة حملة ساخنة للانتخابات الرئاسية الأميركية.
وعلى وقع شد الحبال بين الديمقراطيين والجمهوريين، حذر تقرير لمجتمع الاستخبارات الأميركي سلم، الإثنين، لمجلس الشيوخ من أن “الدينامية في طور التحول أكثر فأكثر لصالح موسكو”.
ونبه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) بيل بيرنز إلى أن “أوكرانيا لا تفتقر إلى الشجاعة، إنها تفتقر إلى الذخائر وقد بدأنا نخسر الوقت لمساعدتهم”.
مكاسب روسية
وتحرز القوات الروسية مكاسب ميدانية منذ أسابيع في شرق أوكرانيا، وخصوصاً مع سقوط مدينة أفدييفكا منتصف فبراير.
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبدى تفاؤلاً، الإثنين، مؤكداً أن قوات بلاده “أوقفت” التقدم الروسي وأن الوضع راهناً على الجبهة بات “أفضل بكثير” مما كان عليه قبل ثلاثة أشهر.
إلى ذلك، وافقت الولايات المتحدة، الثلاثاء، على بيع صواريخ لبولندا بقيمة 3.5 مليار دولار، في صفقة أعلنت قبل أن يستقبل الرئيس جو بايدن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في البيت الأبيض.
والصفقة التي أبلغ بها الكونغرس بحسب القانون الأميركي، تلحظ بيع صواريخ جو-أرض بعيدة المدى بقيمة 1.77 مليار دولار، وصواريخ جو-جو متوسطة المدى بقيمة 1.69 مليار دولار، بحسب بيان للخارجية الأميركية.
بوتين “سيهدد” أوروبا والولايات المتحدة
وفي وقت لاحق، حذر بايدن من أن روسيا ستمضي أبعد من هجومها على أوكرانيا، مجدداً مطالبة الكونغرس بإقرار رزمة مساعدات عسكرية لكييف في أسرع وقت ممكن.
وقال بايدن على هامش لقائه الرئيس البولندي أندريه دودا ورئيس الوزراء دونالد توسك في البيت الأبيض “علينا التحرك قبل فوات الأوان. لأن روسيا لن تتوقف في أوكرانيا، وفي إمكان بولندا أن تتذكر ذلك”.
وأضاف “(الرئيس الروسي) بوتين سيمضي قدماً وسيهدد أوروبا والولايات المتحدة والعالم الحر برمته”.
توغل أوكراني
ميدانياً، قتل أحد عناصر الدفاع المحلي وأصيب 10 مدنيين، أمس الثلاثاء، في توغل مسلح لمقاتلين روس موالين لأوكرانيا في منطقة بيلغورود الروسية، إحدى المناطق الحدودية المستهدفة، وفق ما أفاد حاكمها.
وكتب فياتشيسلاف غلادكوف على “تيليغرام” “أصيب 10 مدنيين نقل ستة منهم إلى المستشفى (…) وقضى عنصر في دفاعنا المحلي”. كذلك، تعرضت منطقة كورسك المجاورة، الثلاثاء، لتوغل نفذه مقاتلون أتوا من أوكرانيا.
وقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وأصيب 38 آخرون بينهم أطفال، في قصف روسي، الثلاثاء، أصاب مبنى سكنياً في مدينة كريفي ريغ بوسط أوكرانيا، وفق ما أفادت السلطات الأوكرانية.
وفي فيديو نشرته وزارة الداخلية الأوكرانية يمكن رؤية مسعفين يعملون على إجلاء جرحى مدنيين من مبنى سكني مؤلف من طوابق عدة اندلعت فيه النيران. وكتب وزير الداخلية إيغور كليمنكو على “تيليغرام” “ثلاثة قتلى و38 جريحاً. هناك أطفال مصابون”، موضحاً أن الحصيلة مرشحة للارتفاع.
وبين الجرحى 10 أطفال، وفق ما أعلن على منصة “تيليغرام” سيرغي ليساك، حاكم منطقة دنيبروبتروفسك الواقعة في وسط أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني المولود في المدينة، إن الضربة أصابت مبنى سكنياً مؤلفاً من تسعة طوابق. وفي مداخلته المسائية تقدم بتعازيه لذوي القتلى.
وقال زيلينسكي “سنلحق خسائر بالدولة الروسية رداً على ذلك، عن حق. يجب أن يتعلموا في الكرملين أن إرهابهم لا يمر من دون عقاب”.
الخيارات يجب أن تبقى مطروحة
من جانبه، أعرب الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا، الثلاثاء، عن دعمه نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أثار جدلاً بإعلانه أنه يجب عدم “استبعاد” إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا في المستقبل.
وقال ناوسيدا لدى وصوله إلى قصر الإليزيه إن “كل الخيارات المتعلقة بدعمنا لأوكرانيا يجب أن تبقى على الطاولة”. وفي هذا السياق، أشاد الرئيس الليتواني “بدور فرنسا في المساعدات العسكرية وبمقترحاتها للتفكير في وسائل إضافية غير تقليدية يتم استخدامها لمساعدة أوكرانيا”.
وخلال مؤتمر عُقد في 26 فبراير في باريس، دعا ماكرون حلفاء أوكرانيا إلى “قفزة” لضمان “هزيمة” روسيا، من خلال تنفيذ عمليات تسليم أسرع وأضخم لأسلحة وذخائر.
وأشار إلى أنه رغم عدم وجود “إجماع” في شأن إرسال قوات برية غربية إلى أوكرانيا “ينبغي عدم استبعاد أي شيء”. وقال “سنفعل كل ما يلزم لضمان عدم تمكن روسيا من الانتصار في هذه الحرب”.
وأوضحت الحكومة الفرنسية بعد ذلك أن الأمر لا يتعلق بقوات قتالية، بينما رفضت الولايات المتحدة وبرلين ولندن وحلفاء أوروبيون آخرون لكييف، اقتراح ماكرون. وأكد ماكرون، الثلاثاء، إلى جانب نظيره الليتواني أنه يتعين “مواصلة الضغط على روسيا من دون الدخول في منطق التصعيد”، مضيفاً أن فرنسا مستعدة للتعاون مع الليتوانيين في عمليات لإزالة الألغام في أوكرانيا.
وقال “يمكن لفرنسا وليتوانيا أن تتعاونا بشكل أوثق” في مجالات الدفاع ودعم أوكرانيا أو حتى الطاقة النووية، مذكراً بالتجربة الطويلة لليتوانيا الجمهورية السوفياتية السابقة، في مواجهة “الإمبريالية” الروسية.
وأشار الرئيس الليتواني إلى أن “دعمنا لم يكن كافياً حتى اليوم. فهو يسمح لأوكرانيا بالصمود ولكن ليس بالفوز”. وشدد على أنه “إذا لم نساعد أوكرانيا على الفوز، فسوف يتوسع عدوان الكرملين”. وأضاف “هذا النظام الدامي لن يتوقف إذا لم نوقفه”.