أعلنت اللجنة الانتخابية الروسية، اليوم الإثنين، أن فلاديمير بوتين حقق فوزاً “قياسياً” في الانتخابات التي اختتمت الأحد، معتبرة ذلك دليلاً على أن البلاد موحدة خلف الرئيس الموجود في السلطة منذ نحو ربع قرن. كما قالت رئيسة اللجنة الانتخابية إيلا بامفيلوفا “إنه مؤشر قياسي” موضحة أن بوتين نال “حوالى 76 مليون” صوت، ما يمثل 87,29 بالمئة بعد فرز 99,76 بالمئة من الأصوات. وأضافت بامفيلوفا أن “المشاركة سجلت نسبة قياسية غير مسبوقة قدرها 77,44 بالمئة، هذا لم يحصل من قبل في تاريخ روسيا الجديدة.
ليست حرة ولا نزيهة
وقال البيت الأبيض الأحد إن الانتخابات الرئاسية الروسية “ليست حرة ولا نزيهة” لأن الرئيس فلاديمير بوتين زج بمعارضيه في السجن ومنع آخرين من الترشح أمامه.
وسيبدأ بوتين (71 سنة)، الذي يحكم البلاد منذ ما يزيد على عقدين، فترة رئاسية جديدة مدتها ست سنوات.
أسف بريطاني
وفي السياق ذاته، أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الأحد عن أسفه لعدم إجراء انتخابات “حرة ونزيهة” في روسيا. كما استنكر كاميرون في منشور على منصة “إكس”، “التنظيم غير القانوني للانتخابات على الأراضي الأوكرانية، وغياب الخيارات أمام الناخبين” و”غياب المراقبة المستقلة من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”.
“يظهر بشكل كامل”
واعتبر الرئيس الصيني شي جين بينغ أن فوز نظيره الروسي في الانتخابات الرئاسية “يظهر بشكل كامل دعم الشعب الروسي” له، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي في بكين. وقال في رسالة تهنئة إلى بوتين “في الأعوام الأخيرة، توحّد الشعب الروسي لتجاوز التحديات. أعتقد أنه بقيادتكم، ستكون روسيا قادرة على تحقيق انجازات أكبر في التنمية الوطنية والإعمار”.
“دون خيار” آخر
واعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن إعادة انتخاب بوتين رئيساً لروسيا تمّت في عملية اقتراع من “دون خيار” آخر بعد قمع كل أشكال المعارضة. ورأت بيربوك خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أن الانتخابات أظهرت “سلوك بوتين المشين ضد شعبه”، مضيفة “الانتخابات في روسيا كانت انتخابات من دون خيار”.
“الحاسم”
وهنّأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بوتين على فوزه “الحاسم” في الانتخابات الرئاسية، وأوردت وكالة “إرنا” أن رئيسي بعث في رسالة، بخالص تهانيه لفلاديمير بوتين على فوزه الحاسم وإعادة انتخابه رئيساً لروسيا الاتحادية.
تهنئة
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون أرسل، اليوم الإثنين، رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هنأه فيها بفوزه في انتخابات الرئاسة.
“لا تمت بصلة إلى الحقيقة”
وندد فريق المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي توفي في السجن، الأحد، بالنتيجة التي حققها فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية وتجاوزت 87 في المئة من الأصوات بعد فرز جزئي، مؤكداً أنها “لا تمت بصلة إلى الحقيقة”.
وكتب ليونيد فولكوف المساعد السابق في المنفى للراحل نافالني على منصة إكس “من المؤكد أن النسب المئوية التي تم اختراعها لبوتين لا تمت بصلة إلى الحقيقة”.
“غير قانونية”
كما اعتبرت بولندا أن الانتخابات الرئاسية في روسيا “غير قانونية”.
وقالت الخارجية البولندية في بيان إن “الانتخابات الرئاسية في روسيا غير قانونية وغير حرة وغير نزيهة”، لافتة إلى أنها أجريت “في مناخ من القمع الشديد” وفي المناطق الخاضعة لسيطرة موسكو في أوكرانيا، مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي.
احتجاج سلمي
لم تترك السلطات أي مجال لمعارضيها في الانتخابات، إذ يتفق المرشحون الثلاثة الآخرون مع الكرملين، سواء في ما يتعلق بأوكرانيا أو بالقمع الذي بلغ ذروته بوفاة المعارض نافالني في أحد سجون المنطقة القطبية في فبراير.وتوجه الآلاف إلى مراكز الاقتراع في أنحاء روسيا الأحد للمشاركة في ما وصفته المعارضة بأنه احتجاج سياسي سلمي، لكنه رمزي ضد إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين.
وفي تحرك أطلق عليه اسم “الظهيرة ضد بوتين”، توجه الروس الذين يعارضون الرئيس المخضرم إلى مراكز الاقتراع المحلية في فترة الظهيرة إما لإتلاف أوراق اقتراعهم احتجاجاً على الانتخابات أو للتصويت لأحد المرشحين الثلاثة الذين يتنافسون ضد بوتين الذي من المتوقع أن يفوز بغالبية ساحقة.
وتعهد آخرون بكتابة اسم زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني الذي توفي في فبراير (شباط) الماضي داخل أحد سجون القطب الشمالي، على بطاقة اقتراعهم.
ونشر مناصرون لنافالني مقاطع مصورة على “يوتيوب” أظهرت طوابير من الأفراد يصطفون أمام مراكز اقتراع في أنحاء روسيا خلال فترة الظهيرة، وقالوا إنهم هناك للاحتجاج السلمي.
وكان نافالني أيد خطة “الظهيرة ضد بوتين” في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي نشرها محاموه قبل وفاته.
ووصفت صحيفة “نوفايا غازيتا” المستقلة هذا التحرك بأنه “وصية نافالني السياسية”.
وقالت إحدى السيدات التي لم تذكر اسمها وطمس فريق نافالني وجهها، من أمام أحد مراكز الاقتراع “لا يوجد أمل يذكر لكن إذا كان بوسعك أن تفعل شيئاً ’مثل هذا‘ فعليك أن تفعله. لم يتبق شيء من الديمقراطية”.
وأكدت أخرى رفضت الكشف عن هويتها أيضاً من أمام مركز اقتراع آخر أنها صوتت لمصلحة المرشح “الأقل إثارة للشكوك” من بين المرشحين الثلاثة.
وعلى رغم المحتجين الذين يمثلون نسبة ضئيلة من الناخبين الروس البالغ عددهم 114 مليون ناخب، فإن بوتين يستعد لإحكام قبضته على السلطة في الانتخابات التي من المؤكد أنها ستحقق له نصراً كبيراً.
“تطرف خطر”
يصور الكرملين حلفاء نافالني السياسيين، ومعظمهم يقيمون خارج روسيا، على أنهم متطرفون خطرون يسعون إلى زعزعة استقرار البلاد بالوكالة عن الغرب. ويقول الكرملين إن بوتين يحظى بدعم ساحق بين المواطنين الروس، مشيراً إلى استطلاعات الرأي التي قالت إن أكثر من 80 في المئة من الروس يؤيدونه.
وقال ليونيد فولكوف، أحد مساعدي نافالني خارج روسيا الذي تعرض لهجوم بمطرقة الأسبوع الماضي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، إن مئات الآلاف خرجوا إلى مراكز الاقتراع في موسكو وسانت بطرسبورغ ويكاترينبرغ ومدن أخرى.
ولم يتسن لـ”رويترز” التحقق من هذا التقدير من مصادر مستقلة.
وفي مراكز الاقتراع عند مقار البعثات الدبلوماسية الروسية في أستراليا واليابان وأرمينيا وكازاخستان وألمانيا وبريطانيا، وقف مئات الروس في طوابير خلال فترة الظهيرة.
أما في لندن، فاصطف الآلاف في أجواء يسودها صمت شبه تام للتصويت في السفارة الروسية.
تعبئة لافتة
وفي برلين، حضرت يوليا، أرملة نافالني، إلى مقر السفارة الروسية للمشاركة في الحدث الاحتجاجي هناك إلى جانب كيرا يارميش، المتحدثة باسم نافالني.
وكانت يوليا نافالني التي تعهدت استكمال مسيرة زوجها، دعت الناخبين إلى التوجه لصناديق الاقتراع ظهر الأحد تكريماً له والتصويت لأي مرشح آخر غير بوتين.
ووقفت نافالني في طابور ووافقت مبتسمة على التقاط صور “سيلفي” مع أنصار لها. وصافحها عدد كبير منهم فيما كان آخرون يتظاهرون في مكان غير بعيد، منددين بالتمديد المبرمج لبوتين على رأس الحكم.
وسبق أن أقامت نافالني أسابيع عدة في العاصمة الألمانية عام 2020 خلال فترة نقاهة زوجها الراحل، حين تعرض لتسمم خطر نسبه إلى الكرملين. ولدى عودته لروسيا في يناير 2021، تم توقيفه فوراً قبل أن تحصل وفاته اللغز منتصف الشهر الماضي في سجن بأقصى شمال روسيا.
وفي باريس، وقف آلاف الروس بمظلاتهم ومعاطفهم تحت المطر في طابور امتد نحو 600 متر، لكن فوز فلاديمير بوتين (71 سنة) حتمي في غياب أي معارضة له. ولم يتردد بعضهم في باريس بالتعبير عن تأييدهم له، على غرار سفيتلانا مياسنيكوفا (53 سنة) التي اعتبرت أنه “أفضل الرؤساء”.
وإلى بلغراد، حيث رفع عدد من المعارضين الروس لافتة أمام مكتب اقتراع كتب عليها “بوتين ليس روسيا”، على وقع تصفيق عدد من الناخبين.
وقال المعارض بيتر نيكيتين “كثر سيشطبون بطاقاتهم لتصبح ملغاة. سأفعل الأمر نفسه”.
وتكرر المشهد في لاهاي، إذ وقف آلاف الروس أمام سفارة بلادهم على مرأى من عناصر الشرطة، بحسب وسائل الإعلام الهولندية. وارتدى بعض هؤلاء لوني المعارضة الأزرق والأبيض، فيما رفع آخرون أعلاماً أوكرانية أو وضعوا ورداً أمام صورة لأليكسي نافالني.
مهاجرون روس في أرمينيا
واصطف ما لا يقل عن ألف مهاجر روسي مناهض للكرملين لساعات أمام السفارة الروسية لدى أرمينيا بانتظار الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية على رغم إدراكهم بأن فرصتهم في التأثير في النتائج ضئيلة.
ووقف الناس في طابور يزيد طوله على كيلومتر في الشوارع المحيطة بمجمع السفارات الكبير في وسط يريفان، حيث تجري عملية التصويت.
وأصبحت أرمينيا التي تسمح للروس بالإقامة فيها من دون تأشيرة، واحدة من أكثر الوجهات شعبية للروس المعارضين للكرملين مع تصاعد القمع السياسي والتجنيد الإجباري بعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية في فبراير 2022.
وقالت سلطات يريفان عام 2023 إن أكثر من 100 ألف روسي انتقلوا إلى أرمينيا، الدولة الجبلية الواقعة في جنوب القوقاز، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 3 ملايين نسمة.