أعلنت بكين الأربعاء أن وزير الدفاع الصيني دونغ جون دعا نظيره الأميركي لويد أوستن إلى تعزيز “الثقة” بين البلدين، وذلك خلال أول محادثات دفاعية ثنائية على هذا المستوى منذ نحو 18 شهراً، بينما أعلن البنتاغون أن “الوزير أوستن شدد على أهمية مواصلة فتح خطوط اتصال عسكري بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية”.
بناء الثقة
وقالت وزارة الدفاع الصينية في بيان إن دونغ أبلغ أوستن أنه “ينبغي على الصين والولايات المتحدة… أن تنظرا إلى السلام باعتباره الأمر الأثمن وإلى الاستقرار باعتباره الأمر الأهم وإلى الثقة باعتبارها أساس التعاملات”. وأضاف الوزير الصيني أنه يتعين على البلدين أن “يبنيا تدريجاً ثقة متبادلة”.
كما شدد على مسامع نظيره الأميركي على أن “القطاع العسكري أساسي من أجل تحقيق الاستقرار في تطوير العلاقات الثنائية ومنع الأزمات الكبرى”.
ولفت دونغ إلى أن الرئيسين الصيني شي جينبينغ والأميركي جو بايدن “مصمّمان على تحقيق الاستقرار وتحسين العلاقات الثنائية”.
الخلاف في شأن تايوان مستمر
غير أن وزير الدفاع الصيني جدد التأكيد على موقف بلاده في ما يتعلق بتايوان، الجزيرة البالغ عدد سكّانها 23 مليون نسمة والتي تؤكد الصين أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها.
وفي هذا الصدد قال الوزير الصيني إن “قضية تايوان تقع في قلب المصالح الأساسية للصين، ولا يجوز المساس بالمصالح الأساسية للصين”.
وفي انتقاد مبطن لواشنطن، الداعم العسكري الرئيس لتايبيه، قال دونغ إن الجيش الصيني “لن يقف أبداً مكتوف اليدين أمام الأنشطة الانفصالية التي تدعو إلى استقلال تايوان وأمام التواطؤ والدعم الخارجيين”.
وبالنسبة إلى بكين فإن تايوان مقاطعة صينية لم تتمكّن حتى اليوم من إعادة توحيدها مع بقية الأراضي الصينية منذ انتهت الحرب الأهلية الصينية في عام 1949.
كما دعا وزير الدفاع الصيني الولايات المتحدة إلى احترام مطالب بلاده في بحر الصين الجنوبي.
وتطالب بكين بالسيادة على جزء كبير من الجزر والشعاب المرجانية في هذه المنطقة البحرية الشاسعة حيث تصاعدت التوترات في الأشهر الأخيرة بين الصين والفيليبين.
وشدد الوزير الصيني على أن “الوضع الحالي في بحر الصين الجنوبي مستقر بشكل عام ودول المنطقة لديها الإرادة والحكمة والقدرة على حل المشكلات”. وأضاف “يجب على الولايات المتحدة أن تعترف بموقف الصين الثابت، وأن تحترم سيادة الصين الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية في بحر الصين الجنوبي، وأن تتخذ إجراءات ملموسة لحماية السلام الإقليمي”.
استراتيجية أسترالية لمواجهة الصين
وفي تطور لافت، قدّمت أستراليا الأربعاء أول استراتيجية دفاعية وطنية لها على الإطلاق تركّز على المحيط الهادئ في مواجهة “التكتيكات القسرية” الصينية والمخاطر المتزايدة لنشوب حريق إقليمي.
وقال وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارلز إن “الافتراضات المتفائلة التي وجهت التخطيط الدفاعي بعد نهاية الحرب الباردة ولّت منذ فترة طويلة”، كاشفاً النقاب عن الاستراتيجية الجديدة ومحذراً من أن المنطقة قد تشهد نزاعاً خلال السنوات العشر المقبلة.
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية لين جيان إن “الصين لا تمثل خطراً على أي بلد” داعيا كانبيرا إلى “الامتناع عن توجيه اتهامات ضد الصين عند أي مناسبة”.
بيان البنتاغون
وكان البنتاغون أعلن أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تحدث إلى نظيره الصيني عبر دائرة تلفزيونية مغلقة اليوم الثلاثاء، في أول محادثات بين وزيري دفاع القوتين العظميين منذ نحو 18 شهراً.
تسعى الولايات المتحدة لتعزيز التعاون الدفاعي مع حلفائها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لمواجهة نفوذ الصين المتزايد، لكنها تريد أيضاً الحفاظ على خطوط اتصال مع بكين لمنع خروج التوترات عن السيطرة.
وقال البنتاغون في بيان إن “المسؤولين ناقشا العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة والصين وقضايا الأمن الإقليمي والعالمي”.
أضاف أن “الوزير أوستن شدد على أهمية مواصلة فتح خطوط اتصال عسكري بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية”، عقب محادثات بين الجانبين في الأشهر القليلة الماضية.
وأكد أوستن أن “الولايات المتحدة ستواصل الطيران والإبحار والعمل بأمان ومسؤولية حيثما يسمح القانون الدولي بذلك” وشدد على “أهمية احترام حرية الملاحة في عرض البحار التي يكفلها القانون الدولي، ولا سيما في بحر الصين الجنوبي”.
ويعود آخر تواصل مهم لأوستن مع نظيره الصيني إلى نوفمبر 2022 عندما التقى وي فينغهي في كمبوديا.
وصافح خلفه لي شانغفو أوستن وتحدث معه باقتضاب خلال مؤتمر دفاعي في سنغافورة في يونيو 2023 لكنه لم يعقد اجتماعا رسمياً معه.
ويبرز عدد من نقاط الخلاف بين واشنطن وبكين، وخصوصاً في شأن تايوان الجزيرة ذات الحكم الذاتي التي تطالب الصين بالسيادة عليها ولو بالقوة إذا لزم الأمر.
علقت بكين محادثات دفاعية بين البلدين عام 2022 تعبيراً عن استيائها من زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي إلى الجزيرة، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ اتفقا خلال قمة في نوفمبر على استئناف المحادثات.
والخلافات حول بحر الصين الجنوبي، الذي تطالب بكين بالسيادة عليه بالكامل تقريباً، نقطة احتكاك محتملة أخرى، إذ تثير حوادث بين السفن الصينية والفيليبينية مخاوف من اتساع رقعة النزاع.
كما سلطت الولايات المتحدة الضوء مراراً على أحداث في السنوات الأخيرة أكدت فيها أن طائرات وسفنا حربية صينية تحركت بطريقة غير آمنة حول طائرات وسفن أميركية.