تعهدت إيران بالرد على الغارة الجوية التي استهدفت قنصليتها في دمشق الاثنين، لكن ما القدرة التي تمتلكها إيران لمواجهة إسرائيل، وكيف سيكون شكل انتقامها؟
قتل في الغارة 13 شخصا، من بينهم العميد محمد رضا زاهدي، وهو شخصية مهمة في فيلق القدس، الفرع الخارجي للحرس الثوري الإيراني. ولم يصدر عن إسرائيل أي تصريح يفيد بأنها هي التي دبرت الهجوم.
ونقل موقع وزارة الخارجية الإيرانية على الإنترنت عن الوزير حسين أمير عبد اللهيان قوله “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “فقد توازنه العقلي تماما”.
وقال دكتور فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، إن التصعيد يهدف إلى القول للعالم إن إيران “نمر من ورق”. كما أدى إلى خسارة كبيرة لفيلق القدس، “وهو الجهة المهمة في التنسيق ونقل الأسلحة والتكنولوجيا إلى حزب الله في لبنان وسوريا”.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إن العميد زاهدي كان له “دور بارز” في هجمات حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، التي أشعلت شرارة الحرب الحالية في غزة والتي تهدد بالانتشار. وكانت إيران قد نفت أي دور لها في الهجوم، لكنها تدعم حماس بالتمويل والأسلحة والتدريب.
ولكن فواز جرجس وخبراء آخرين قالوا لبي بي سي إن خيارات إيران للرد على ضربة دمشق قد تكون محدودة من حيث نطاقها وعددها.
وقال علي صدر زاده، الكاتب والمحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إن “إيران غير قادرة على الدخول في مواجهة كبيرة مع إسرائيل نظرا لقدراتها العسكرية ووضعها الاقتصادي والسياسي. لكن سيتعين عليها أن تتوصل إلى رد للنقاش المحلي ولحماية سمعتها بين حلفائها الإقليميين”.
وقال جرجس أيضا إنه من غير المرجح أن تقوم إيران بالرد بشكل مباشر على إسرائيل “على الرغم من أن إسرائيل أذلت إيران حقا وأدمت أنفها”.
وبدلا من ذلك، كان من المرجح، كما يقول جرجس، أن تمارس إيران ما يعرف بـ”الصبر الاستراتيجي” لأنها ستعطي الأولوية لهدف أكثر أهمية “ألا وهو صنع قنبلة نووية”.
وأضاف جرجس “إيران تعمل على زيادة القوة، وتقوم بتخصيب اليورانيوم، وتحرز تقدما. والجائزة الكبرى لإيران ليست في الواقع إرسال 50 صاروخا باليستيا وقتل 100 إسرائيلي، بل إنشاء ردع استراتيجي، ليس فقط ضد الإسرائيليين، ولكن حتى ضد الولايات المتحدة”.
هل سيكون هناك رد فعل “رمزي”؟
ويعتقد صدر زاده أن إيران من المرجح أن تظهر رد فعل “رمزيا” بدلا من المخاطرة بحرب مباشرة مع إسرائيل.
وقال صدر زاده “إيران خبيرة في تنفيذ هجمات رمزية مثل تلك التي ردت بها على مقتل أهم قائد عسكري لديها وهو قاسم سليماني”، وهو الهجوم الصاروخي الباليستي الذي شنته إيران على قاعدة جوية عراقية تتمركز فيها قوات أمريكية، بعد أسبوع من اغتيال الولايات المتحدة للجنرال الإيراني في بغداد.
وعلى الرغم من وعد إيران “بالانتقام الشديد”، لم يُقتل أي من أفراد الجيش الأمريكي المتمركزين في القاعدة، وكانت هناك تقارير تفيد بأن الجيش الأمريكي قد وصله تحذير مسبق من الصواريخ القادمة.
ويعتقد يوسف عزيزي، الذي يعمل في كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، أنه سيدور صراع خلف الكواليس في إيران بين من يجادلون بأن إيران يجب أن تسعى إلى ترسيخ نفسها بوصفها قوة نووية لردع العدوان الإسرائيلي من جهة، والشخصيات الأكثر تشدداً التي تقترح هجمات مباشرة على إسرائيل ومنشآتها العسكرية.
لكن عزيزي قال لبي بي سي إن تحليل المقابلات مع وسائل الإعلام الحكومية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية يشير إلى أنه من المرجح أن تسود سياسة “الصبر الاستراتيجي”.
ما السبل المتاحة؟
إذن ما السبل الأخرى المتاحة أمام الإيرانيين؟
يقول تال بافيل، الذي يعمل في المعهد الإسرائيلي لدراسات السياسة السيبرانية، لبي بي سي “لا يمكننا أن نستبعد أن إيران ربما تستخدم الفضاء الإلكتروني باعتباره بُعداً آخر للانتقام من إسرائيل، إما لتنفيذ هجمات إلكترونية على تكنولوجيا المعلومات، وإما لشل وسرقة وتسريب المعلومات، أو لمحاولة تشتيت الانتباه على الأقل”.
وأضاف “نعلم أنه خلال العقد ونصف العقد الماضيين، كانت هناك حرب إلكترونية سرية مستمرة بين إيران وإسرائيل. لذلك قد تكون هذه الحالة، مرحلة أخرى من تلك الحرب”.
وسيكون الأمر متروكاً للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، ليقرر الإجراء الذي ستتخذه طهران في نهاية المطاف.