نقلت “قناة القاهرة” الإخبارية المصرية، أمس السبت، عن مصدر أمني قوله إن محادثات الهدنة بين إسرائيل وحركة “حماس” ستستأنف، اليوم الأحد، بالقاهرة في أحدث محاولة للتوصل إلى اتفاق بعد ستة أشهر تقريباً من الحرب في قطاع غزة.
وقال مسؤول إسرائيلي لـ”رويترز”، إن إسرائيل سترسل وفداً إلى القاهرة، الأحد، لكن مسؤولاً من “حماس” قال إن الحركة ستنتظر أولاً للاستماع إلى الوسطاء المصريين في شأن نتيجة محادثاتهم مع الجانب الإسرائيلي.
وتكثف إسرائيل و”حماس” المفاوضات التي تتوسط فيها قطر ومصر بهدف تعليق الحملة العسكرية الإسرائيلية لمدة ستة أسابيع مقابل إطلاق سراح 40 رهينة من أصل 130 ما زالت الحركة الفلسطينية تحتجزهم في غزة.
وتسعى “حماس” لاستغلال أي اتفاق لإنهاء القتال وانسحاب القوات الإسرائيلية. وتستبعد إسرائيل ذلك، وتقول إنها ستستأنف في نهاية المطاف جهودها الرامية إلى تفكيك قدرات “حماس” العسكرية وإنهاء حكمها في غزة.
وترغب “حماس” أيضاً في السماح لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فروا من مدينة غزة والمناطق المحيطة بها باتجاه الجنوب خلال المرحلة الأولى من الحرب بالعودة إلى الشمال. وقال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل منفتحة على مناقشة السماح بعودة “بعض” النازحين فقط.
مأساة جديدة
قتل عشرات الفلسطينيين في الغارات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة الذي دمرته الحرب، إذ وقعت مأساة جديدة، أمس السبت، أثناء توزيع الغذاء على السكان الذين يعانون الجوع وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص في الأقل.
ومن أجل مواجهة خطر المجاعة في القطاع الفلسطيني المحاصر، غادر أسطول صغير قبرص باتجاه غزة لنقل 400 طن من المساعدات الإنسانية، وهي كمية غير كافية في مواجهة الحاجات الهائلة.
بعد نحو ستة أشهر من بدء الحرب التي اندلعت إثر هجوم “حماس” على إسرائيل في السابع من أكتوبر، نفذ الجيش الإسرائيلي غارات جديدة على قطاع غزة أسفرت عن مقتل 82 شخصاً في الأقل خلال الـ24 ساعة الماضية، وفق وزارة الصحة التي تديرها الحركة الفلسطينية. وبذلك يرتفع إجمالي عدد القتلى في غزة إلى 32705 غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب الوزارة.
وفي مؤشر إلى التدهور الكبير للوضع الإنساني، أفاد مسؤول في الهلال الأحمر الفلسطيني عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة العشرات جراء إطلاق نار وتدافع أثناء توزيع مساعدات، فجر السبت في قطاع غزة.
وأظهرت مقاطع مصورة لوكالة الصحافة الفرنسية قافلة من الشاحنات تتحرك بسرعة أمام نفايات تحترق قرب نقطة توزيع في الظلام قبيل الفجر فيما سمع صراخ الناس ودوي إطلاق نار كان بعضه طلقات تحذيرية، وفق شهود عيان.
ووقعت الحادثة بحسب الهلال الأحمر بعد أن تجمع آلاف الأشخاص بانتظار وصول نحو 15 شاحنة من الطحين والمواد الغذائية الأخرى، التي كان من المفترض تسليمها عند دوار الكويت بمدينة غزة في شمال القطاع.
وأفاد شهود عيان بأن أشخاصاً كانوا يشرفون على توزيع المساعدات أطلقوا النار في الهواء، مما تسبب في إصابة عدة أشخاص، لكن دبابات إسرائيلية تتمركز على بعد مئات الأمتار أطلقت أيضاً نيراناً “كثيفة”، كما صدمت بعض الشاحنات أفراداً كانوا يحاولون الحصول على مواد غذائية.
وفي اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، قال الجيش الإسرائيلي إنه “ليس على علم بالحادثة”.
قبل بضعة أيام، لقي 18 فلسطينياً حتفهم من بينهم 12 غرقاً، فيما كانوا يحاولون الحصول على غذاء أنزل بمظلات إلى القطاع. وفي كل مرة، يحدث الأمر نفسه. على اليابسة، يراقب السكان الطرود التي ترمى من الجو ثم يندفعون عند هبوطها مما يتسبب بتدافع.
خطر المجاعة
ووفق الأمم المتحدة، يواجه سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون شخص خطر المجاعة فيما تدخل المساعدات الإنسانية التي تخضع لرقابة من الجانب الإسرائيلي، بكميات قليلة إلى الأراضي الفلسطينية التي تديرها “حماس” منذ عام 2007.
وقالت أماني (44 سنة) وهي أم لسبعة أولاد لجأت إلى مخيم الشاطئ لوكالة الصحافة الفرنسية، أول من أمس الجمعة، “ليس لدينا ما يكفي من الطعام والماء”.
والخميس، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بـ”ضمان توفير مساعدة إنسانية عاجلة” لقطاع غزة من دون تأخير مؤكدة أن “المجاعة وقعت”.
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، إن على إسرائيل “السماح للأونروا بإيصال القوافل الغذائية إلى شمال قطاع غزة يومياً وفتح نقاط عبور برية أخرى”.
ورفضت إسرائيل هذه الاتهامات، الجمعة، مؤكدة أنها غير معنية بتوزيع المواد الغذائية في غزة مع اتهامها وكالات تابعة للأمم المتحدة بعدم القدرة على إدارة كمية المساعدات التي تصل إلى هناك يومياً.
وكانت إسرائيل تعهدت رداً على الهجوم الذي أسفر عن مقتل 1160 شخصاً وفق حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام إسرائيلية.
وخطف خلال هجوم “حماس” نحو 250 شخصاً ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم.
احتجاج إسرائيلي
في تل أبيب، تظاهر آلاف الإسرائيليين، السبت، مجدداً دعماً لأسر الرهائن التي دعت إلى تظاهرة حاشدة أمام مقر الكنيست في القدس، الأسبوع المقبل.
وهتفت شيرا إلباغ التي خطفت ابنتها ليري البالغة 19 سنة “أعيدوهم إلى بيوتهم الآن”.
وفي حين بدا أن المفاوضات غير المباشرة بين “حماس” وإسرائيل للتوصل إلى هدنة وصلت إلى طريق مسدود، أفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، بعد لقائه رئيسي الاستخبارات الإسرائيلية الموساد والشين بيت، بأنه “وافق على جولة من المفاوضات في الأيام المقبلة في الدوحة والقاهرة للمضي قدماً”.
وعقدت خلال الأشهر الأخيرة جولات تفاوض عدة عبر الوسطاء الدوليين مصر وقطر والولايات المتحدة، ولكن من دون نتيجة، فيما تبادل الطرفان الاتهامات بعرقلتها.
ومنذ بداية الحرب، تم التوصل إلى هدنة واحدة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر سمحت بالإفراج عن نحو 100 رهينة خطفوا خلال هجوم السابع من أكتوبر، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل.
وعلى رغم قرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب بوقف إطلاق النار، فإن حدة القتال لم تتراجع.
قلق أممي
السبت، أعلن الجيش الإسرائيلي الذي يتهم مقاتلي “حماس” بالتحصن في المستشفيات، مواصلة “عملياته” لليوم الـ13 على التوالي داخل مستشفى الشفاء، أكبر مجمع استشفائي بمدينة غزة، وفي محيطه.
ووفق منظمة الصحة العالمية، فلا يزال 100 مريض و50 عاملاً صحياً في المجمع. وقال المدير العالم للمنظمة الأممية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عبر منصة “إكس” “نحن قلقون للغاية”.
من جهتها، تقول “حماس” إن القوات الإسرائيلية موجودة أيضاً في مستشفيي ناصر والأمل الواقعين في مدينة خان يونس (جنوب).
وإلى الجنوب، يتجمع في رفح 1.5 مليون فلسطيني، غالبيتهم من النازحين، يخشون هجوماً برياً إسرائيلياً أمر نتنياهو الجيش بالإعداد له.
وبينما تعارض الولايات المتحدة هذا الهجوم، وافقت الإدارة الأميركية، أخيراً، على نقل قنابل وطائرات مقاتلة إلى حليفتها الإسرائيلية بقيمة مليارات الدولارات، بحسب ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين أميركيين.
إقليمياً، أعلنت الأمم المتحدة، السبت، إصابة ثلاثة من مراقبيها العسكريين ومترجم بانفجار بالقرب منهم خلال دورية على طول الخط الأزرق في جنوب لبنان، مؤكدة أنها “تحقق في أصل الانفجار” الذي اعتبره رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي “حادثة خطرة”.