حذرت منظمة أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل من تداعيات السياسة التي يتبعها الجيش الإسرائيلي إزاء الجرحى والمرضى الفلسطينيين في غزة، الذين يحتاجون إلى علاج ضروري في الخارج، إذ يؤخر الجيش الموافقة على خروجهم ويجعلهم ينتظرون أياماً عدة حتى تنتهي الإجراءات لنقلهم، في تأخير قد يشكل خطراً على حياتهم.
وكشفت المنظمة أنه لم يتم تحويل إلا واحد في المئة فقط من الجرحى والمرضى إلى الخارج، من طريق معبر رفح، حيث نقل 400 جريح من بين 49 ألف جريح، كما نقل 500 مريض من مرضى السرطان والكلى إلى مستشفيات في مصر وتركيا وغيرهما.
تسريع الفحص الأمني
وحذرت المنظمة من أن “إسرائيل تؤخر طلبات نقل المرضى من طريق معبر رفح، وبذلك يدفع الجرحى والمرضى حياتهم ثمناً لسياسة الجيش الإسرائيلي”، جاء ذلك في تقرير أعدته المنظمة حول الوضع الصحي في غزة، وهي منظمة تضم أطباء عرباً ويهوداً وبقيت على تواصل مع وزارة الصحة الفلسطينية في غزة حتى اليوم، إذ كان يقوم أطباء وطواقم من المنظمة، قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، بزيارة شهرية إلى غزة لإجراء فحوصات طبية وتقديم العلاج للمرضى الفلسطينيين.
وعلى خلفية الوضع المأسوي الذي يعيشه فلسطينيو غزة وعدم قدرة المستشفيات على تقديم العلاج للجرحى والمرضى والنقص الكبير في الأدوية وكل متطلبات الإنقاذ والعلاج، ناشدت منظمة أطباء لحقوق الإنسان، المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي للسماح بإخراج الجرحى والمرضى بأعداد أكبر بكثير مما تم حتى الآن. وقالت في الطلب الذي قدمته “من أجل إنقاذ الأرواح وتخفيف العبء عن النظام الصحي، الذي توقفت قطاعات كبيرة منه وخرجت تماماً عن الخدمة، فإننا نطالب بتسريع الفحص الأمني وتقصير زمن الاستجابة لطلبات إخراج الجرحى، لأن حالاتهم الحرجة تتطلب معالجة فورية”. وأضافت المنظمة في طلبها “من غير الممكن أن يتم تأخير المصابين والمرضى لفترة قد تمتد أياماً عدة تتجاوز قدرتهم على التحمل، مما يستدعي اتخاذ قرار فوري بزيادة كبيرة لعدد الأشخاص الذين يؤجلون، بما يلبي الحاجة الآخذة بالتصاعد. وهناك عديد من الدول التي أبدت استعدادها لاستقبالهم وهي جاهزة لذلك”.
ومن خلال التواصل بين منظمة أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل ووزارة الصحة في غزة، يعمل الجانبان من أجل تحريك المنظمة الدولية لتسهم في ضمان تقديم العلاج للمصابين الفلسطينيين في غزة.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن الجيش الإسرائيلي يماطل في الاستجابة لطلبات خروج الجرحى والمرضى لمدة تصل حتى ثلاثة أيام، مما يسبب تدهوراً في حالاتهم إلى حد الموت. وقالت منظمة أطباء لحقوق الإنسان إنها تنظر بخطورة للوضع الذي يواجهه الجرحى والمرضى الفلسطينيون في غزة، وحثت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية والجيش على تغيير المعايير والطريقة التي يتم بها فحص وضعية كل مصاب ومريض، بما يضمن إنهاء الإجراءات بأسرع وقت ونقلهم خلال أقل من 24 ساعة.
مماطلة في الرد
وتابعت المنظمة “من المعلومات التي حصلت عليها منظمة أطباء لحقوق الإنسان عبر مسؤولين في الجهاز الصحي في قطاع غزة، يتبين أن الجيش الإسرائيلي يتأخر ويماطل في الرد على القوائم المرسلة إليه يومياً، التي تحوي عشرات أسماء المصابين بجروح خطرة ممن يحتاجون إلى نقلهم بشكل عاجل عبر معبر رفح خارج قطاع غزة، من أجل تلقي علاج طبي لإنقاذ حياتهم. ويتراوح متوسط مدة التأخر في الرد ما بين يوم وثلاثة أيام. نتيجة لذلك فإن الجرحى الذين لا تسمح حالاتهم بالصمود طويلاً بسبب وضعهم الصحي الخطر يموتون في انتظار نقلهم إلى مصر”.
وكانت إسرائيل قد أغلقت معبر إيرز شمال قطاع غزة أمام خروج الفلسطينيين، بمن فيهم المرضى والجرحى الذين يحتاجون إلى علاج طبي غير متوفر في مستشفيات القطاع، ثم تم فتح معبر رفح، الموجود جنوب قطاع غزة، لعبور الجرحى والمرضى في الأول من أكتوبر، حيث يتم خروجهم من طريق المعبر فقط بعد التنسيق بين مسؤولي الصحة الفلسطينيين والصليب الأحمر والجيش الإسرائيلي.
حياتهم في خطر
وقال رئيس المنظمة رافي فيلدمان إن “الوضع خطر جداً وبات يهدد حياة كل المرضى والجرحى، بعد أن تزايدت الحاجة يومياً إلى مغادرتهم لتلقي العلاج الطبي خارج قطاع غزة منذ بدء الحرب وفي أعقاب انهيار النظام الصحي في قطاع غزة”.
ووفق المعطيات حول الوضع الصحي في غزة، التي شملها بيان خاص أصدرته المنظمة ويعتمد على منظمة الصحة الدولية “إضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى فقد قتل 280 فلسطينياً من أفراد الطواقم الطبية ولحقت أضرار بـ56 سيارة إسعاف. ومن أصل 3 آلاف و500 سرير في المستشفيات، انخفض النظام إلى 1400 عندما خرجت معظم المستشفيات والمراكز الطبية عن الخدمة (26 من أصل 35)”.
وذكرت المنظمة وفق معطيات رسمية من غزة أن عديداً من المرضى في غزة لا يحصلون على أية مساعدة طبية، خصوصاً مرضى السرطان والكلى الذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب أي تأخير في العلاج. حتى الآن لم يتمكن سوى نحو 500 مريض معرضين لخطر كبير، بما في ذلك 1000 مريض في الأقل بالفشل الكلوي، و2000 مريض بالسرطان، و130 حديثي الولادة في الحاضنات، من المغادرة لتلقي العلاج في الدول المجاورة.