نفت إيران ضلوعها في هجوم بمسيّرة أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيّين في الأردن وأسفر عن إصابة 34 آخرين على الأقلّ، وفق ما جاء في بيان لوزارة الخارجيّة نقلته وكالة الأنباء الإيرانيّة الرسميّة “إيرنا”.
ونقلت الوكالة عن المتحدّث باسم الوزارة ناصر كنعاني قوله إن “هذه الاتهامات غرضها سياسي وتهدف إلى قلب الحقائق في المنطقة”، وذلك تعقيباً منه على بيان لوزير الخارجيّة البريطاني ديفيد كامرون دعا فيه طهران إلى “وقف التصعيد” في المنطقة.
أضاف كنعاني أن هذه الاتّهامات “تُظهر تأثّرها بأطراف ثالثة، بما في ذلك النظام الصهيوني قاتل الأطفال”، وتابع المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية “سبق أن قلنا بوضوح إن جماعات المقاومة في هذه المنطقة تردّ على جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام الصهيوني”، وهي “لا تأتمر” بأوامر إيران و”تقرر أفعالها بناء على مبادئها الخاصة”.
تفاصيل جديدة
وكشفت القيادة المركزية الأميركية عن تفاصيل جديدة عن الهجوم الذي تم بطائرة مسيرة على قاعدة في الأردن وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين. وأوضحت في بيان اليوم الإثنين أن الهجوم طاول قاعدة الدعم اللوجيستي الواقعة في البرج 22 التابع لشبكة الدفاع الأردنية، وأدى إلى مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 34، في حصيلة جديدة للإصابات. كما لفتت إلى أن القاعدة المستهدفة كانت تضم نحو 350 جندياً من القوات الأميركية، وهم من مرتبات سلاح الهندسة وسلاح الجو الأميركي والخدمات اللوجيستية والأمنية الأميركية، والذين يقومون بمهام دعم وإسناد للقوات الأردنية في الحرب على تنظيم “داعش”. وأضافت أنه تم إجلاء 8 جنود من الجرحى من الأردن بغية تقديم رعاية صحية متقدمة لهم، مشيرة إلى أن حالتهم الصحية مستقرة.
وتعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، الرد بعد هجوم بطائرة مسيرة على القاعدة في الأردن حمل مسؤوليته لفصائل مدعومة من إيران.
وأضاف بايدن أثناء قيامه بزيارة إلى ولاية ساوث كارولاينا، “كان يومنا صعباً الليلة الماضية في الشرق الأوسط. فقدنا ثلاثة أرواح شجاعة”، قبل أن يتعهد أن الولايات المتحدة “سترد”.
وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في بيان اليوم الإثنين إن طهران ليست ضالعة في الهجوم.
وأعرب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عن شعوره بالـ”غضب والحزن العميق” لمقتل وإصابة جنود أميركيين.
ويشكل الصراع في الشرق الأوسط تحدياً لبايدن في عام انتخابي، حيث يسعى عديد من السياسيين الجمهوريين إلى استغلال هجمات كهذه لتسجيل نقاط سياسية، بمن فيهم الرئيس السابق دونالد ترمب الذي وصف الوضع بأنه “نتيجة لضعف جو بايدن واستسلامه”.
وهذه المرة الأولى التي يقتل فيها عسكريون أميركيون بنيران معادية منذ بدء الحرب بين إسرائيل و”حماس” في قطاع غزة. ويفاقم الهجوم التوترات في المنطقة ويغذي المخاوف من توسع نطاق الحرب إلى نزاع يشمل إيران بصورة مباشرة.
موقع متقدم على الحدود مع سوريا
من جانبه، قال الأردن إنه “يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف موقعاً متقدماً على الحدود مع سوريا”. وفي أول بيان رسمي بعد الهجوم، قال الأردن الحليف الوثيق لواشنطن إنه يعمل مع الولايات المتحدة لمحاربة “الإرهاب”.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين في البيان أن “الهجوم الإرهابي لم يؤدِ إلى أي إصابات في صفوف القوات المسلحة” الأردنية.
وأعرب مبيضين عن “تعازي الأردن للولايات المتحدة بضحايا الهجوم الذي نفذ بطائرة مسيرة، وتمنياته للجرحى بالشفاء”. وأكد أن “الأردن سيستمر في مواجهة خطر الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود السورية إلى الأردن، وسيتصدى بكل حزم واقتدار لكل من يحاول الاعتداء على أمن الأردن”.
وبحسب البيان الحكومي فإن “الأردن كان قد أعلن سابقاً أنه يتعاون مع شركائه لتأمين الحدود، وطلب من الولايات المتحدة ودول أخرى تزويده أنظمة عسكرية والمعدات اللازمة لزيادة القدرات على تأمين الحدود ومواجهة الأخطار عبرها”.
وكان مبيضين، وهو وزير الإتصال الحكومي أعلن في وقت سابق أن الهجوم على القوات الأميركية وقع داخل الأراضي السورية قرب حدود المملكة. وقال الوزير لقناة “المملكة” الرسمية إن “الهجوم الذي استهدف القوات الأميركية قرب الحدود السورية لم يقع داخل الأردن”، موضحاً أن “الهجوم استهدف قاعدة التنف في سوريا”.
تعزيز الدفاعات
وأكد مصدر أمني أردني كبير لـ”رويترز” إن الأردن طلب في الآونة الأخيرة من الولايات المتحدة إرسال مزيد من الدعم والعتاد الدفاعي المتقدم بسبب المخاوف من انخراط إيران ووكلائها في أي صراع أوسع في الشرق الأوسط.
وأضاف المصدر أن الأردن لفت أنظار واشنطن أخيراً إلى الحاجة الملحة لتعزيز دفاعاته ضد الجماعات المدعومة من إيران التي تزداد قوتها على حدود الأردن مع العراق وسوريا.
ويشعر الجيش الأردني والمؤسسة الأمنية في المملكة بقلق متزايد من أن تستغل الفصائل الإيرانية، التي تسيطر الآن على جنوب سوريا، حرب غزة لاختراق الأردن أمنياً.
وزاد نفوذ إيران في سوريا منذ أن ساعد حلفاء طهران، ومنهم جماعة “حزب الله” اللبنانية، الرئيس السوري بشار الأسد في قمع المعارضة المسلحة التي اندلعت في عام 2011.
تهريب المخدرات
وتسيطر فصائل مسلحة مدعومة من إيران على الحدود الجنوبية لسوريا مع الأردن، وتتهم عمان هذه الفصائل وإيران بتهريب المخدرات في هذه المنطقة.
ويقول بعض المسؤولين الأردنيين إن الفصائل الموالية لإيران في العراق وسوريا تستخدم أيضاً تجارة المخدرات لزيادة الضغط على الأردن، الحليف القوي للولايات المتحدة والذي يستضيف المئات من أفراد القوات الأميركية.
وطلب الأردن أيضاً من واشنطن تزويده أنظمة الدفاع الجوي (باتريوت) بسبب قلقه المتزايد من الوقوع في مرمى النيران إذا أدت الحرب في غزة إلى استقطاب إيران وفصائلها المسلحة في المنطقة إلى حدود المملكة.
ويعد وجود القوات الأميركية في الأردن مسألة حساسة في بلد ترتفع فيه المشاعر المعادية للولايات المتحدة بسبب دعم واشنطن لإسرائيل في حربها ضد حركة “حماس”.
ووقعت الحكومة الأردنية اتفاقاً مع الولايات المتحدة في المجال العسكري في يناير (كانون الثاني) 2021 يتيح للقوات الأميركية “الوصول دون عوائق” إلى عدة منشآت عسكرية أردنية.
“وقف دوامة العنف”
وندد العراق بالهجوم داعياً إلى “وقف دوامة العنف” في المنطقة، وجاء في بيان للمتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي “في الوقت الذي يدعو فيه العراق إلى وقف دوامة العنف، فإنه يؤكد استعداده للعمل على رسم قواعد تعامل أساسية تجنب المنطقة المزيد من التداعيات، والحيلولة دون اتساع دائرة الصراع”.
ردود فعل
وأكدت مصر في بيان الأحد إدانتها الشديدة لأي “أعمال إرهابية” تهدد أمن الأردن واستقراره.
بدورها، أعربت البحرين عن إدانتها الشديدة للهجوم، مؤكدة تضامنها الراسخ مع الأردن وتأييده ودعمه في جهوده المستمرة ضد الإرهاب.
وعلى حسابها في “تيليغرام” تبنت ما يسمى “المقاومة الإسلامية في العراق” التي تضم فصائل عدة موالية لإيران “هجمات شنت فجر الأحد بمسيرات” على ثلاث قواعد، بينها التنف والركبان.
واستهدفت القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي المناهض لتنظيم “داعش” المنتشرة في العراق وسوريا بأكثر من 150 هجوماً منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، وفق وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ونفذت واشنطن ضربات انتقامية في كلا البلدين.