ربما يكون القصف الأميركي في الثالث من فبراير الحالي مستهدفاً مواقع جماعات مسلحة في سوريا والعراق قوض من حركة إيران داخل مناطق نفوذها في البلدين، لكنها في الوقت ذاته لم تعطل عمل شبكات التهريب تماماً ولم تتوقف حرب الكبتاغون، ولم تقض على نشاطها على الحدود الأردنية بالكامل.
قبل ساعات أعلن الجيش الأردني عن إحباطه محاولة تسلل وتهريب مواد مخدرة آتية من الأراضي السورية بعد اشتباكات أسفرت عن مقتل ثلاثة مهربين وإصابة جندي في حرس الحدود، وضبط كميات كبيرة من المخدرات، وفق مصدر عسكري في بيان نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية “بيترا”.
القدرات المضبوطة
في غضون ذلك، أفادت معلومات عن مواصلة عمليات شبكات التهريب لنشاطها، وإن كانت خلال الأسبوع الجاري بدت متقطعة وفق مصادر ميدانية من محافظة السويداء تحدثت لـ”اندبندنت عربية”، إذ لم يلجم القصف الأميركي الحركة النشطة لتهريب المخدرات لكنها شهدت انخفاضاً ملحوظاً، بخاصة أن الضربات جاءت بالتوازي مع حملة أطلقتها حركة “رجال الكرامة” في السويداء كجزء من المبادرة الأهلية التي تعهدت بها الجماعة المسلحة للحد من تفاقم ظاهرة التهريب.
وتفيد المعلومات عن مساهمة حركة “رجال الكرامة” بحملة تعقب أمنية في عدة قرى، ومواصلة فرض الحركة الاستقرار الأمني عقب ما شهدته المنطقة من انفلات، لا سيما في قرية ذيبين، والتي أفضت إلى اعتقال متورطين بأعمال السرقة والمخدرات، وسبق ذلك حملات عدة قبل ثلاثة أشهر أدت إلى القبض على أكثر من 30 تاجراً ومروجاً ومهرباً للمخدرات.
ولا تزال حركة “رجال الكرامة” تنتظر رداً من الأردن على مبادرة تعاون أطلقتها مع عمان بغية تجنيب المدنيين أخطار الموت المجاني في أعقاب سقوط 10 أشخاص بينهم طفلتان وخمس نساء في 18 يناير الماضي بعد قصف منزلين في قرية عرمان أثناء حملة أمنية لمكافحة التهريب، وهي المرة الأولى التي يشارك خلالها سلاح الجو الأردني في هذا النشاط.
الإجهاز على طرق التهريب
إزاء ذلك، يؤكد متابعون لمجريات ملف التهريب في جنوب سوريا عن استغلال شبكات التهريب الطرق المتاحة، وتغييرها على طول الحدود المشتركة، وكذلك استغلال الأجواء الباردة، والضباب الحاصل وسوء أحوال الطقس للنفاد إلى الجانب الآخر، لا سيما أن من يقود أحمال التهريب يعرفون تضاريس المنطقة جيداً.
في هذه الأثناء لم يطرأ أي تطور بين دمشق وعمان بالنسبة إلى الاتفاق على إنشاء غرفة عمليات مشتركة، خصوصاً بعد التراشق الدبلوماسي الحاصل منذ بيان الخارجية السورية الذي وصف قصف الأردن بـ”غير المبرر” لترد المملكة عبر بيانات لاحقة أفادت بعدم تعاون جارتها في ما يخص مكافحة التهريب الذي تفاقم مع حلول عام 2011 واندلاع الصراع المسلح هناك، والفوضى التي صاحبت سنوات الأزمة وأدت بالنتيجة إلى زيادة في أفراد الشبكات وتشعب علاقاتها.
في المقابل، كل ما يخشاه الأردن، البلد الذي يستضيف مليون ونصف المليون لاجئ سوري في أعقاب اندلاع الحرب من حالة الانفلات الأمني المتزايد على حدوده، حيث يرصد حرس الحدود والجيش الأردني شبكات تعمل على تهريب السلاح والصواريخ فى حرب الكبتاغون. وفي وقت سابق اعتقل تسعة مهربين ومعهم أسلحة خفيفة ومتوسطة وقاذفات صواريخ محمولة (آر بي جي).
حرب الكبتاغون
يعتقد مراقبون في الشأن السوري أن الأردن اتخذ قراره بمحاربة التهريب حماية لأراضيه وجيرانه من دول الخليج، بالتالي يبدو أن التأخر بالرد على المبادرة الأهلية في السويداء يعني أنها ستعمل منفردة بتعاون دولي بخاصة كونه لم تلق أية استجابة من دمشق لأسباب تتعلق بانشغال الجيش بحرب الشمال السوري، وعلاوة على سيطرة ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون على تجارة “الكبتاغون”.
ويتجه العزم الأردني اليوم إلى التعاون مع الجيش الأميركي وقواعده العسكرية حيث يوجد في الأردن ثلاثة آلاف جندي أميركي، كما يضم العراق 2500 جندي، ولعل القاعدة العسكرية “البرج 22” التي استهدفت من قبل الفصائل العراقية في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي على الحدود الأردنية جاء بضربة استباقية بعد تحرك واشنطن في هذا الملف.
يأتي ذلك مع معلومات تفيد بنقل وتهريب السلاح عبر الحدود الأردنية- السورية إلى غلاف غزة، بالتالي شهدت الحدود منذ اندلاع حرب القطاع في السابع من أكتوبر الماضي إثر “هجوم حماس” على إسرائيل “استماتة” كبيرة من قبل المهربين بإدخال المواد المهربة بالقوة. ودارت إحدى المعارك بين الجيش الأردني والمهربين بشكل عنيف للغاية واستخدمت شبكة التهريب سيارة مفخخة في إصرار على إنجاح عمليتهم بالقوة.
وعلى خلفية الضربة التي تلقتها القوات الأميركية في الأردن ولقي على أثرها ثلاثة جنود من الجيش الأميركي مصرعهم وإصابة أكثر من 30 علق متحدث الحكومة الأردنية مهند المبيض بقوله “القوات الأميركية توجد على الحدود الأردنية في سياق اتفاقية التعاون بين البلدين، والتي تتضمن تعزيز مجالات التدريب، وزيادة منظومة أمن الحدود الفنية والتدريبية”.
واليوم تتجه الولايات المتحدة بأنظارها إلى الحدود الأردنية أكثر من أي وقت مضى، فهي الخاصرة الرخوة التي يمكن أن تتقاطر خلالها كل أنواع الإمدادات الإيرانية إلى حركة “حماس” وكل الفصائل المقاومة المدعومة من خلالها، ومن المرجح أن المناورات التي تحدث في قواعد أميركية في شرق سوريا تأتي لتدريب فصائل محلية جاءت من الشمال السوري ستوكل إليها محاربة المهربين وملاحقتهم من الجانب السوري.
تابع أخبار الشرق الأوسط التى يوفرها موقع سامري الإخبارى مباشرة.