أعلنت كييف اليوم الثلاثاء “تدمير” سفينة دورية بحرية روسية في البحر الأسود قرب شبه جزيرة القرم، وضرب مستودع للنفط في منطقة بيلغورود الروسية الحدودية مع أوكرانيا.
وأصبح البحر الأسود ساحة مواجهة ذات أهمية متزايدة خلال الحرب التي دخلت عامها الثالث، حيث أعلنت القوات الأوكرانية مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات على أسطول موسكو.
وقالت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية في بيان على تطبيق “تيليغرام” إنه “في أعقاب هجوم بمسيرات بحرية (…) تعرضت السفينة الروسية سيرغي كوتوف لأضرار في أجزاء عدة منها”.
وأفادت القوات البحرية الأوكرانية بأنها تعاونت مع الاستخبارات العسكرية في هذا الهجوم الذي أسفر عن تدمير “أحدث سفينة دورية” للأسطول الروسي.
وأشارت إلى أن الهجوم وقع في “المياه الإقليمية الأوكرانية” على مقربة من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014.
وأكدت كييف أنها كانت قد هاجمت السفينة الروسية في سبتمبر الماضي.
وأوضح المتحدث باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أندري يوسوف أن السفينة كانت قد أصيبت في الهجوم الماضي لكنها “دمرت بصورة مؤكدة هذه المرة” في هجوم ليل الإثنين/ الثلاثاء. وأضاف “في ما يتعلق بالطاقم، الوضع هو في طور الإيضاح. ثمة قتلى وجرحى، لكن من المحتمل أن جزءاً من أفراد الطاقم تمكنوا من مغادرة السفينة”.
ونشرت الاستخبارات العسكرية الثلاثاء فيديو بالأبيض والأسود قالت إنه للهجوم الليلي. ويظهر الشريط مسيرة بحرية وهي تقترب من السفينة الروسية البالغ طولها 94 مترا، وتبلغ قيمتها 86 مليون دولار، قبل أن يقع انفجار تسبب بكرة لهب كبيرة، وتصاعد الدخان وتطاير شظايا على ارتفاع عالٍ.
وقالت الاستخبارات العسكرية إن مسيراتها ضربت السفينة قرب مضيق كيرتش، متسببة “بأضرار في مؤخرة السفينة والجانبين الأيمن والأيسر”.
ولم تعلق وزارة الدفاع الروسية بعد على هجوم محتمل في البحر الأسود، لكن بعض المدونين العسكريين القريبين من الجيش، أكدوا تعرض السفينة لهجوم.
وكان سلاح الجو الأوكراني أعلن الثلاثاء أنه أسقط 18 من 22 مسيرة هجومية أطلقتها روسيا فوق مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود.
ومنذ بدء الحرب في فبراير 2022، تمكنت القوات الأوكرانية من إلحاق أضرار بأسطول البحر الأسود الروسي باستخدام صواريخ ومسيرات بحرية.
وتؤكد القوات الأوكرانية أنها تمكنت من تحييد خطر نحو ثلث السفن الحربية الروسية في هذه المنطقة الاستراتيجية.
وقال مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك إن الأسطول الروسي في البحر الأسود هو “رمز للاحتلال”، مضيفاً “لا يمكن أن يوجد في شبه جزيرة القرم الأوكرانية”.
إلى ذلك، نفذت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية هجوماً بمسيرة على مستودع للنفط في منطقة بيلغورود الروسية المحاذية لأوكرانيا، وفق ما أكد مصدر عسكري أوكراني لوكالة الصحافة الفرنسية.
واستهدفت الضربة وفق المصدر نفسه منشأة تابعة لشركة نفطية في قرية دولغو بمنطقة غوبكين على بعد نحو 90 كيلومترا شمال بيلغورود عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه.
وكان حاكم بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف قد قال على “تيليغرام” إن انفجاراً تسبب “بحريق في منشأة” في منطقة غوبكين، دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل.
وأوضحت وسائل إعلامية محلية أن الانفجار ناجم عن هجوم بمسيرة على مستودع للنفط في مدينة غوبكين.
ونوه غلادكوف إلى أن منطقة بيلغورود استهدفت في الساعات الـ24 الأخيرة بضربات عدة بمسيرات وقذائف ألحقت أضراراً بسيارات في بلدات عدة.
واستهدفت كييف عديداً من منشآت النفط الروسية في الأشهر الأخيرة، في ما وصفته بأنه “رد عادل” على مهاجمة موسكو شبكة الكهرباء الأوكرانية.
من جهته قال حاكم منطقة كورسك رومان ستاروفويت على “تيليغرام” إن “محطة غلوشكوفو للسكك الحديد استهدفت بضربات من أوكرانيا”، مشيراً إلى أن الهجوم “لم يتسبب بوقوع أي إصابات”.
ولفت إلى أن الضربات تسببت في حريق تمت السيطرة عليها سريعاً وألحقت أضراراً بخطوط الجهد العالي، مما أدى إلى حرمان محطة غلوشكوفو وقرية كولباكي المجاورة من الكهرباء.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان تدمير مسيرة صباح الثلاثاء فوق منطقة كورسك وثلاث مسيرات أوكرانية ليلاً فوق منطقة بيلغورود.
في الأثناء دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من براغ اليوم الثلاثاء حلفاء أوكرانيا إلى “ألا يكونوا جبناء” في مواجهة قوى “أصبح لا يمكن وقفها”.
وقال ماكرون في كلمة أمام الجالية الفرنسية إن “الحرب عادت إلى أراضينا، وقوى أصبح من غير الممكن وقفها تعمل على توسيع التهديد كل يوم”، مؤكداً أنه “علينا أن نكون بمستوى التاريخ والشجاعة التي يتطلبها ذلك”. وكان الرئيس الفرنسي أدلى الأسبوع الماضي بتصريحات مثيرة للجدل حول إمكانية إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا.
تنديد روسي
كانت موسكو نددت أمس الإثنين بـ”ضلوع مباشر” للغرب في أوكرانيا بعد نشر تسجيل صوتي على شبكات تواصل اجتماعي روسية، لمحادثات عسكرية سرية بين ضباط في الجيش الألماني حول تسليم أسلحة إلى كييف لضرب أهداف روسية.
ونشرت رئيسة قناة “آر تي” الروسية مارغريتا سيمونيان، الجمعة الماضي، تسجيلاً صوتياً مدته 38 دقيقة قالت إنه يتضمن محادثات جرت بين ضباط ألمان وهم يبحثون في الـ19 من فبراير الماضي في قصف شبه جزيرة القرم، مما أثار أزمة بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن المحادثات التي أكدت برلين صحتها “تسلط الضوء مرة أخرى على ضلوع الغرب المباشر على نحو جماعي في النزاع في أوكرانيا”.
من جهته صرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي “إنها محاولة واضحة للروس لزرع الشقاق وإظهار انقسام وجعل الأمر يبدو وكأن الغرب ليس موحداً”.
وأضاف كيربي “لن نرضخ أمام هذه المحاولة (…) نعمل جميعاً في محاولة لدعم أوكرانيا”.
وتضمن التسجيل المتداول أحاديث عن احتمال استخدام القوات الأوكرانية صواريخ ألمانية الصنع من طراز توروس وتأثيرها المحتمل.
حرج لألمانيا
ويشكل مضمون التسجيل مصدر حرج لألمانيا لأن برلين تعلن رسمياً عن موقف رافض لتزويد كييف بصواريخ توروس القادرة على إصابة أهداف على بعد يصل إلى 500 كيلومتر لتجنب خطر تصعيد النزاع، بينما تطالب بها أوكرانيا منذ فترة طويلة.
إلى ذلك يتضمن التسجيل أحاديث عن توجيه الصواريخ نحو أهداف مثل جسر رئيس فوق مضيق كيرتش يربط البر الرئيس الروسي بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014، إضافة إلى استخدام الصواريخ التي قدمتها كل من فرنسا وبريطانيا لكييف.
ويؤكد أحد المتحدثين في التسجيل أن عملية توجيه صواريخ نحو الجسر تتطلب ما بين 10 و20 صاروخاً.
واعتبر بيسكوف أمس الإثنين أن “التسجيل في ذاته يشهد على نقاش مفصل وملموس داخل الجيش الألماني حول مشاريع لشن ضربات على الأراضي الروسية”، مشدداً على أن “كل شيء واضح للغاية”.
وتزامنت تصريحات بيسكوف مع توجه السفير الألماني لدى روسيا ألكسندر غراف لامبسدورف صباح أمس الإثنين إلى وزارة الخارجية الروسية.
وذكرت وسائل إعلام روسية أن السفير غادر الوزارة بعدما استغرقت زيارته إليها ساعة ونيفاً. ولم يدل بأي تصريح للصحافيين.
وأفادت برلين بأن موسكو لم تستدعِ السفير. ورداً على سؤال بهذا الشأن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستيان فاغنر لصحافيين “عقد سفيرنا اجتماعاً مخططاً له منذ فترة طويلة هذا الصباح في وزارة الخارجية الروسية”.
وأعلنت الخارجية الروسية في بيان نشر مساء الإثنين أنها طلبت من السفير الألماني “تفسيرات” في شأن تسليم كييف صواريخ توروس المذكورة.
كذلك نددت الخارجية الروسية أمام السفير “بالطبيعة غير المقبولة لمحاولات السلطات الألمانية عرقلة أنشطة الصحافيين الروس في ألمانيا”، متوعدة “برد شديد” من موسكو.
من جانبها، تتهم برلين موسكو باستمرار، بتنظيم حملات تضليل ودعاية مؤيدة لروسيا. وأكدت ناطقة باسم وزارة الدفاع الألمانية السبت صحة التسجيل وحصول تنصت على محادثة سرية للقوات الجوية.
ووعد المستشار الألماني أولاف شولتز بإجراء تحقيق “معمق جداً” و”سريع جداً” في شأن نشر هذه المعلومات.
من جهته اتهم وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الأحد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسعي إلى “زعزعة استقرار” ألمانيا من خلال التجسس على محادثات عسكرية سرية في شأن أوكرانيا.