عبرت المكسيك وتشيلي عن “قلق متزايد” إزاء تصاعد العنف في قطاع غزة وذلك خلال إحالة الصراع إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر في جرائم محتملة.
وقالت وزارة الخارجية المكسيكية، في بيان، إن المحكمة الجنائية الدولية هي المنتدى الملائم لتحديد المسؤولية الجنائية المحتملة “سواء ارتكبها عملاء سلطة الاحتلال أو السلطة المحتلة”، وأضافت أن “الإجراء الذي اتخذته المكسيك وتشيلي يرجع إلى القلق المتزايد بشأن أحدث تصعيد للعنف، بخاصة ضد الأهداف المدنية”. وأشارت المكسيك إلى “التقارير العديدة من الأمم المتحدة التي تتضمن تفاصيل عن حوادث كثيرة قد تعد جرائم تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية”.
جريمة محتملة
وقال وزير الخارجية التشيلي ألبرتو فان كلافيرين للصحافيين في سانتياغو إنبلاده “مهتمة بدعم التحقيق في أي جريمة حرب محتملة” أينما وقعت.
وقالت المكسيك إنها تتابع، عن كثب، القضية المقدمة إلى محكمة العدل الدولية من جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة وتطالب بأن تأمر المحكمة إسرائيل بالتعليق الفوري لحملتها العسكرية.
وترفض إسرائيل هذا الاتهام.
ورحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية وبتأكيد “هذه الدول على الحاجة الملحة إلى قيام المحكمة بولايتها في ردع الجرائم الخطيرة التي ترتكب في دولة فلسطين بالإضافة إلى التحقيق والملاحقة القضائية لأخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي”.
حوالى 25 ألف قتيل
في الأثناء، قالت وزارة الصحة في غزة، في بيان، اليوم الجمعة، إن 24762 فلسطينياً قتلوا وأصيب 62108 في الضربات الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وأضافت الوزارة أن نحو 142 فلسطينياً لقوا حتفهم وأصيب 278 خلال الساعات الـ 24 الماضية.
فلسطينيا أيضاً، قالت “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة “الجهاد” إنها قصفت بوابل من قذائف الهاون تمركزاً لجنود وآليات القوات الإسرائيلية في السعايدة شرق المغازي وسط قطاع غزة.
قصف عنيف
ميدانياً، يقصف الجيش الإسرائيلي جنوب قطاع غزة بشكل مكثف، وفي الساعات الأولى من اليوم الجمعة، أفاد شهود بإطلاق نار وغارات جوية في مدينة خان يونس، جنوب القطاع حيث تقول إسرائيل إن عديداً من أعضاء القيادة المحلية لحركة “حماس” يختبئون.
وتحدث الهلال الأحمر الفلسطيني عن قصف مدفعي “مكثف” في “محيط” مستشفى “الأمل”، في وقت أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” بسقوط عديد من القتلى والجرحى، خلال الليل، في خان يونس التي باتت مركز المعارك.
وقال الجيش الإسرائيلي إن “جنوداً مدعومين بالمدفعية والطيران قضوا على عشرات الإرهابيين في خان يونس”، مشيراً إلى أنه تمكن من الوصول إلى “أقصى منطقة جنوب قطاع” غزة منذ بداية العملية البرية التي بدأت في أقصى شمال القطاع الفلسطيني.
أعنف المعارك
وتدور أعنف معركة حتى الآن هذا العام في مدينة خان يونس التي تؤوي مئات آلاف الفارين من الشمال في بداية الحرب التي دخلت شهرها الرابع الآن.
وتحدث سكان عن قتال عنيف وقصف مكثف في شمال وشرق ولأول مرة غرب المدينة، حيث تقدمت دبابات لتنفيذ مداهمة قبل أن تنسحب لاحقاً.
وقال سكان في خان يونس أمس الخميس إن القتال بات على مرمى حجر من مستشفى ناصر أكبر مشفى لا يزال عاملاً بالقطاع. ويستقبل المستشفى مئات المرضى الجرحى يومياً، حيث يتكدسون في العنابر ويتلقون العلاج في أروقته وذلك منذ تحول القتال إلى الجنوب الشهر الماضي.
واتهم مسؤولون إسرائيليون مسلحي “حماس” باستخدام مستشفى ناصر مقراً لقيادة العمليات، وهو ما ينفيه العاملون.
وقال نتنياهو الخميس “حتى الآن تم تدمير 16 أو 17 من أصل 24 وحدة مقاتلة لحماس، وبعد ذلك تأتي (مرحلة) تطهير المنطقة (من المسلحين)”.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي “الإجراء الأول عادة ما يكون أقصر، والثاني عادة ما يستغرق وقتاً أطول…النصر سيستغرق شهوراً عديدة أخرى لكننا مصممون على تحقيقه”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن كتيبة في خان يونس تعمل الآن على مسافة أبعد جنوباً “قضت على عشرات الإرهابيين في قتال من مسافة قريبة وبمساعدة نيران الدبابات والدعم الجوي”، وقتلت 60 مسلحاً خلال الـ24 ساعة الماضية، بينهم 40 في خان يونس. ولم يتسن التحقق من الأرقام.
وقالت منظمة “أطباء بلا حدود” التي يعمل أطباء منها في مستشفى ناصر بالمدينة إن المرضى والنازحين الذين لجأوا إلى المستشفى يفرون في حالة ذعر.
حل الدولتين
قالت السلطات الصحية في غزة الخميس إن عدد القتلى ارتفع إلى 24620 شخصاً، فضلاً عن عدد كبير يخشى وفاتهم تحت الأنقاض. وقتل أكثر من 170 شخصاً خلال الساعات الـ24 الماضية.
وحذرت الولايات المتحدة مجدداً من سقوط عدد كبير من المدنيين في غزة، وتعهدت مواصلة العمل من أجل تحقيق حل الدولتين.
وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي للصحافيين على متن طائرة الرئاسة “ستكون هناك غزة ما بعد الصراع ولن يتم إعادة احتلال غزة”. لكن نتنياهو أكد مجدداً خططه لغزة بعد الحرب، قائلاً إنها يجب أن تكون منزوعة السلاح وتديرها إدارة مدنية لا تدعو إلى تدمير إسرائيل.
وقالت إسرائيل إنها تخطط لتقليص عملياتها البرية والتحول إلى تكتيكات أقل نطاقاً لكنها عازمة أولاً على ما يبدو على السيطرة على مدينة خان يونس التي تقول إنها قاعدة رئيسة لمسلحي “حماس” الذين اقتحموا جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وقتلوا 1200 شخصاً واقتادوا 240 آخرين رهائن إلى داخل القطاع.
وفي وسط غزة، قال الجيش الإسرائيلي إنه حدد موقعاً ودمر منشآت كانت “قلب صناعة أسلحة حماس”، وفق تعبيره.
كما نفذ الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات على مخيمات اللاجئين في وسط قطاع غزة وعلى خان يونس، كبرى مدن الجنوب التي باتت مركزاً للمعارك.
وأكد في بيان الخميس أنه يخوض معارك قرب رفح وقد وصل الى “أقصى منطقة جنوب قطاع غزة منذ بدء العملية البرية” في الـ27 من أكتوبر. وأضاف “في خان يونس (…) قضى الجنود على عشرات الإرهابيين في معارك مباشرة بمساعدة نيران الدبابات والدعم الجوي”.
مستشفيات غزة
توقف بالفعل ثلثا مستشفيات غزة عن العمل تماماً، بما في ذلك جميع المرافق الطبية في النصف الشمالي من القطاع، والباقي يعمل جزئياً فقط. وقد يؤدي خسارة مجمع ناصر الطبي إلى تقلص حاد في الرعاية المحدودة التي لا تزال متاحة لسكان غزة.
ونفت “حماس” في بيان الخميس مزاعم الرهينة الإسرائيلية المفرج عنها شارون ألوني لشبكة “سي أن أن” التي قالت فيها إنها وعدداً من الرهائن كانوا محتجزين في غرف بالمستشفى.
وقالت الحركة إن ذلك يتماشى مع أكاذيب إسرائيل وتحريضها القديم والجديد ضد المستشفيات كمسوغ لتدميرها.
واقتحمت إسرائيل مستشفى الشفاء في شمال غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) وعرضت ما قالت إنها أسلحة ومعدات تابعة لـ”حماس” عثرت عليها داخله.
وفي مقطع فيديو تضمن لقطات لتصاعد أعمدة من الدخان فوق وسط خان يونس المزدحم، قال رئيس بعثة “أطباء بلا حدود” في فلسطين ليو كانز، الذي وصل إلى المستشفى، إن القتال أصبح “قريباً جداً”.
وقال “نسمع كثيراً من القصف والأعيرة النارية حولنا… الجرحى الذين نعتني بهم، فقد كثير منهم أرجلهم وفقدوا أذرعهم. هناك بالفعل جروح معقدة تتطلب كثيراً من العمليات الجراحية. وليس لدينا القدرة على القيام بذلك الآن. يجب أن ينتهي هذا الوضع”.
واحتفل الإسرائيليون بأول عيد ميلاد لكفير بيباس أصغر الرهائن الذي لم يكن ضمن عشرات النساء والأطفال الذين أطلق سراحهم خلال هدنة استمرت أسبوعاً في أواخر نوفمبر. وتقول “حماس” إنها لم تعد تحتجز أطفالاً، وإن كفير وشقيقه البالغ من العمر أربع سنوات ووالدتهما قتلوا في غارة جوية إسرائيلية، على رغم أنها لم تنشر أي صور تؤكد مقتلهم.
وقال الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس وهو يجلس بجوار صورة للطفل “مكانه غير معروف… أدعو الكون كله إلى العمل بلا توقف على تحرير كفير وكل الرهائن”.
وزير إسرائيلي منع توجيه ضربة لـ”حزب الله”
من جانبه، قال الوزير ورئيس الأركان السابق الإسرائيلي غادي أيزينكوت للقناة 12 الإسرائيلية الخميس إنه منع إسرائيل من مهاجمة “حزب الله” في لبنان بشكل استباقي في الأيام التي أعقبت هجوم “حماس” في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل.
وقال أيزينكوت، الذي قتل ابنه الأصغر في القتال في قطاع غزة الشهر الماضي، إن إسرائيل كانت على وشك توجيه ضربة لـ”حزب الله” على رغم أن الجماعة، التي تصنفها الدول الغربية منظمة إرهابية، لم تكن قد أطلقت النار بعد على إسرائيل. وأضاف أيزينكوت أنه أقنع المسؤولين في حكومة الحرب بتأجيل تلك الخطوة.
وتابع أيزينكوت “أعتقد أن وجودنا هناك منع إسرائيل من ارتكاب خطأ استراتيجي فادح”.
وتشهد الحدود الإسرائيلية – اللبنانية تبادلاً لإطلاق النار بشكل يومي لكنه لم يصل إلى حد حرب شاملة. وتتأرجح المنطقة الأوسع بشكل خطير نحو تصعيد كبير للصراع الذي أججته الحرب في غزة.
وأشار كل من “حزب الله” وإسرائيل إلى رغبتهما في تجنب الحرب، لكن كلاهما يقول إنه على استعداد للقتال إذا لزم الأمر.
وانضم عضوا حزب المعارضة أيزينكوت وبيني غانتس، وهو أيضاً رئيس أركان سابق بالجيش، إلى حكومة نتنياهو بعد فترة وجيزة من هجوم “حماس” في السابع من أكتوبر وشنت بعده إسرائيل هجوماً جوياً وبرياً وبحرياً على قطاع غزة.
وفي شأن الرهائن، أضاف أيزينكوت “من المستحيل استعادة الرهائن أحياء قريباً من دون اتفاق”.
وأردف أن أهداف الحرب المتمثلة في تجريد “حماس” من السلطة في غزة وقتل المسؤولين عن هجوم أكتوبر “ستظل سارية” بعد وقف موقت لإطلاق النار.
“حزب الله” يرفض دعوات أميركية للتهدئة
وقال مسؤولون لبنانيون إن “حزب الله” رفض أفكاراً أولية من واشنطن لتهدئة القتال الدائر مع إسرائيل عبر الحدود تضمنت سحب عناصره بعيداً من الحدود، لكن الجماعة لا تزال منفتحة على الدبلوماسية الأميركية لتجنب خوض حرب شاملة.
ويقود المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكشتاين مساعي دبلوماسية تهدف إلى إعادة الأمن على الحدود بين لبنان وإسرائيل، في وقت تنزلق فيه المنطقة بشكل خطر صوب تصعيد كبير للصراع في إطار تبعات الحرب الدائرة في قطاع غزة.
وأصبحت تلك الجهود أكثر إلحاحاً في ظل الهجمات التي ينفذها الحوثيون المتحالفون مع إيران انطلاقاً من اليمن على سفن في البحر الأحمر والضربات الأميركية رداً على ذلك والاشتباكات وأعمال العنف في مناطق أخرى بالشرق الأوسط.
وقال مسؤول لبناني كبير مطلع على تفكير الحزب “حزب الله مستعد للاستماع”، لكنه أكد في ذات الوقت أن الجماعة اعتبرت الأفكار التي قدمها هوكشتاين خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي غير واقعية.
وموقف “حزب الله” هو مواصلة إطلاق الصواريخ صوب إسرائيل لحين التوصل لوقف إطلاق نار شامل في قطاع غزة. ولم يرد رفض “حزب الله” للمقترحات التي قدمها هوكشتاين في تقارير إخبارية من قبل.
وعلى رغم الرفض ورشقات الصواريخ التي يطلقها “حزب الله”، قال مسؤول لبناني ومصدر أمني إن انفتاحه على التواصل الدبلوماسي يشير إلى رغبته في تجنب حرب أوسع حتى بعد وصول ضربة إسرائيلية إلى بيروت نفسها قتل فيها قيادي بارز من “حماس” في الثاني من يناير (كانون الثاني).
وقالت إسرائيل أيضاً إنها تريد تجنب الحرب لكن الجانبين يقولان إنهما مستعدان للقتال إذا لزم الأمر. وحذرت إسرائيل من أنها سترد بقوة إذا لم يتم التوصل لاتفاق لتأمين منطقة الحدود.
وينذر مثل هذا التصعيد بفتح فصل كبير جديد في الصراع الإقليمي.
غارتان إسرائيليتان جنوب لبنان
وإلى الحدود اللبنانية – الإسرائيلية حيث استهدفت غارتا إسرائيليتان بلدة العديسة جنوب لبنان عقب سلسل غارات طاولت بلدات راميا وجبل بلاط في الجنوب أيضاً، واستهدف القصف أيضاً محيط بلدتي ميس الجبل ومحيبيب (جنوب).