اكتسبت تحركات للوساطة بين إسرائيل وحماس زخماً في الأيام القليلة الماضية، ورأى بعض المراقبين في ذلك فرصة سانحة لوقف مؤقت لإطلاق النار قريبا، ربما في غضون الأسبوع الجاري.
وقال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ، إن إسرائيل “تأمل في تحرير عدد كبير من الرهائن لدى حماس في غضون الأيام القليلة المقبلة” مع الاتفاق على هدنة من القتال قصيرة المدى، قد تمتد إلى خمسة أيام، بحسب ما نقلت شبكة أيه بي سي الأمريكية.
أيضا، قال جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، إن واشنطن تعتقد أن “اللحظة الراهنة ربما كانت الأقرب منذ بداية المفاوضات بشأن تحرير الرهائن قبل أسابيع”.
وأكد المسؤول الأمريكي أن “هناك نقاط خلاف وعدمَ اتفاق قد انحسرت، إن لم تكن زالت تماما”، نقلا عن إذاعة صوت أمريكا.
وفي حال تكللت المساعي بالنجاح، ستكون هذه أول هدنة يتم التوصل إليها منذ اشتعال الحرب في صباح يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في طريقنا إلى وساطة
وفي حديث لبي بي سي، رأى سيد غنيم، الأستاذ الزائر بالأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، أن “هذه التحركات الكثيرة من جانب كل من الولايات المتحدة وأوروبا وقطر ومصر وإسرائيل ودول أخرى، تعني أننا في طريقنا إلى وساطة، بل إن هناك ما بعد وقف إطلاق النار”.
وأشار غنيم إلى إعلان الولايات المتحدة عن هذه الوساطة ولو بشكل مقتضب، كما أشار إلى زيارة قام بها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار مؤخرا إلى مصر لمناقشة صفقة مرتقبة للإفراج عن الرهائن لدى حماس.
ورصد غنيم زيارة قام بها وفد من الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل مؤخرا، وزيارةً إلى مصر قامت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وركزت على الوضع في غزة.
ولفت غنيم إلى مؤشر آخر هو دخول الوقود إلى قطاع غزة، وكذلك المساعدات الإنسانية.
ماذا بعد وقف إطلاق النار؟
وأفادت تقارير إعلامية أمريكية بأن حوالي 50 رهينة، لا سيما من النساء والأطفال، من إجمالي نحو 240 رهينة لدى حماس، يمكن أن يعودوا إلى إسرائيل، لكن لم تُشر تلك التقارير إلى عدد السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل الذين قد يتم إطلاق سراحهم في المقابل.
ورفض سفير إسرائيل لدى واشنطن، هرتسوغ، تسمية أيّ توقُّفٍ للقتال باسم “وقف إطلاق نار”، ما يشير إلى خُطط إسرائيل لاستئناف هجومها على أهدافٍ تابعة لحماس بعد نهاية الهدنة، بحسب إذاعة صوت أمريكا.
في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، يوم السبت الماضي، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: “هدفنا لن يكون وقفا مؤقتا للحرب، وإنما ينبغي أن يكون الهدف هو وضع نهاية لهذه الحرب وللأبد. لابد أن نكسر حلقة العنف المُفرغة وأن نبني شيئا أقوى في غزة وعبر الشرق الأوسط بحيث لا يتكرر الوضع الراهن مجددا”.
ومضى بايدن إلى ما هو أبعد من وقف إطلاق النار، قائلا إن “حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان أمن طويل المدى لكل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.. هذه الأزمة الراهنة جعلت من هذا الحل أمراً حتميا”.
وتعليقا على مقال بايدن، قال آرون ديفيد ميلر، المستشار السابق بالخارجية الأمريكية والمتخصص في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: “لو أنّ كل هذه الدماء التي سالت في هذه الحرب دلّت على شيء، فهو أن الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن يتعايشوا سِلميا معاً في دولة واحدة أو ما شابه ذلك”.
وأكد ميلر، عبر منصة إكس (تويتر سابقا)، أن “السبيل الوحيد لحل هذه المشكلة يتمثل في التفاوض على الفصل بين الطرفين، وهو ما سيكون تحقيقه أمرا بالغ الصعوبة”.
بعد انتهاء الحرب
بحسب مجلة الإيكونوميست البريطانية، “ظلت غزة لنحو عقدين من الزمن تمثّل مشكلة بلا حلّ، حتى اندلعت الحرب في صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول لتزيد هذه المشكلة تعقيدا”.
على أنّ آخرين يرون في حرب غزة هذه طريقا وفرصة لتسوية الصراع نهائيا. ومن هؤلاء: الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي تحدّث عن “تحويل هذه المأساة إلى فرصة”.
وقال غوتيريش، في مؤتمر صحفي يوم الاثنين: “لكي يكون ذلك ممكنا، من الضروري بعد الحرب أن نتحرك بخطوات ثابتة على طريق حلّ الدولتين”.
وتأمل واشنطن، بحسب الإيكونوميست، في أن تُشارك دولٌ عربية بعد انتهاء الحرب الراهنة بجنود في قوةٍ لحفظ السلام في غزة، وهو اقتراح يلقى دعماً من عدد من المسؤولين الإسرائيلين، لكنه في المقابل لا يلقى دعما من العرب أنفسهم.
وفي ذلك قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في منتدى حوار المنامة يوم السبت الماضي: “لن تدخل أي قوات عربية إلى قطاع غزة.. لن نُرى كأعداء”.
وترى الإيكونوميست أن هذا الموقف العربي مفهوم؛ فأصحابه “لا يرغبون في تحمُّل تبعات أفعال إسرائيل، فضلاً عن أنهم لا يرغبون في رؤية الأخيرة تعيدُ احتلال القطاع”.