أثارت تحركات عسكرية أميركية غرب ليبيا تساؤلات ومخاوف جديدة قديمة من تحول الحرب الباردة مع روسيا في البلاد التي تعاني أزمة سياسية وأمنية معقدة إلى صدام مباشر أو بالوكالة بين الطرفين، من أهم أسبابه تزايد التمدد العسكري الروسي في الشرق الليبي، وقلق الولايات المتحدة من خطة موسكو لجعله نواة لتشكيل “الفيلق العسكري الأفريقي” وذراعها العسكرية الجديدة لكسب الصراع مع الغرب في القارة السمراء.
وتمثل النشاط العسكري الأميركي الذي أحيا هذه المخاوف من تحول ليبيا إلى ساحة جديدة للصراع الروسي- الأميركي في زيارة وفد رسمي تابع لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) لعدد من القواعد العسكرية في الغرب الليبي، بالتزامن مع إشراف شركة أمنية من الولايات المتحدة على تدريب تشكيلات مسلحة تابعة لحكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، وسط شائعات عن وصول شحنات سلاح أميركي كبيرة إلى قاعدة الوطية جنوب العاصمة الليبية.
برنامج تدريب مفاجئ
وكانت مصادر صحافية غربية، فرنسية وإيطاليا تحديداً، كشفت عن وصول عناصر من الشركة الأمنية الأميركية “أمنتوم” إلى ليبيا بموجب اتفاق مع رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة، لتوفير التدريب لمجموعات مسلحة عدة في العاصمة طرابلس، وسط تعتيم وتكتم تام من الحكومة الليبية.
وذكرت المصادر أن أفراد “أمنتوم” سيتولون مهمة تدريب أعضاء من ثلاثة ألوية مسلحة غرب ليبيا، وهي اللواء (444) بقيادة محمود حمزة، واللواء (111) بقيادة عبدالسلام زوبي، واللواء (166) بقيادة محمد الحصان، وهي من الكتائب البارزة في مدينتي مصراتة وطرابلس خلال الأعوام الأخيرة.
ووفق هذه المعلومات فإن جهود التدريب بين “أمنتوم” ووزارة الخارجية الأميركية تهدف إلى توحيد هذه التشكيلات المسلحة المختلفة وتكليفها بتأمين الحدود وعمليات نزع السلاح، واللافت أنها لا تحدث تحت مظلة القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم).
وقالت التقارير المتطابقة إن الخطوة الأميركية تأتي لإضفاء الطابع المهني على التشكيلات المسلحة بالتماشي مع خريطة طريق واشنطن للأزمة الليبية، والتي تعطي الأولوية لنزع سلاح الجماعات المسلحة وتسريحها وإعادة إدماجها بعد إعادة الولايات المتحدة إطلاق برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في ديسمبر 2023.
دحض الشكوك
وأثار برنامج التدريب الأميركي المفاجئ والمبهم والذي لم يتبين في المعلومات المسربة عنه كيف اختير جزء من الكتائب المسلحة في غرب ليبيا من دون غيرها للدخول فيه وعلى أي أساس، وكيف ستعمل بعد ذلك على تنفيذ البرنامج الأميركي للإدماج ونزع السلاح وحماية الحدود، أو تتعامل مع القوى المسلحة الموازية لها في القوة والعتاد والنفوذ في المرحلة اللاحقة، تساؤلات وتحفظات واسعة على هذا البرنامج بدأت الولايات المتحدة في محاولة الرد عليها وتحجيم الشكوك التي طاولت هذه الخطة التدريبية، وحتى طبيعتها وماهية الأطراف المستهدفة منها.
وفي هذا السياق أكد متحدث باسم الخارجية الأميركية لوكالة “نوفا” الإيطالية أن “الولايات المتحدة ستقدم خدمات تدريب لهذه المجاميع التابعة لرئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة في إطار برنامج عالمي ينسقه مكتب الأمن الدبلوماسي”.